egyption1

الأربعاء، سبتمبر ٢٧، ٢٠٠٦

الجزائر: التصدي للهجوم الليبرالي يستدعي بناء حركة مستقلة للعمال والجماهير الشعبية
صالحي شوقي
المناضل-ة عدد: 10 بعد سنوات من الدكاكة الليبرالية لم يتمكن العمال والجماهير الشعبية من التصدي الناجع لهجوم النظام الذي شرع في خصخصة 1200 مؤسسة عمومية و ُيعجل بخصخصة قطاع المحروقات.بعد ان انتخب على أساس سياسة تجمد مشاريع تمار عبد الحميد (وزير تنمية الاستثمار) وشكيب خليل (وزير الطاقة والمعادن) الرامية إلى الخصخصة، و ترش استثمارات عمومية ضدا على الأرتذوكسية الليبرالية لبنشنهو(وزير المالية)، و تعد بتلبية حاجات الجماهير الاجتماعية، لم يعد بوتفليقة يخفي نواياه، وهذا ما كامن مرتقبا.فقد عاد إلى تطبيق توجيهات صندوق النقد الدولي والقوى العظمى، منفذا أحلام الشركات متعددة الاستيطان: تفكيك نواة الصناعة الجزائرية المستقلة، منح السوق الوطني للشركات متعددة الاستيطان و إعطاء البترول الجزائري للولايات المتحدة الأمريكية. هذا وليست معارضة هذه السياسة نزعة قومية ضيقة. لا شك أن العولمة الليبرالية تهدد المكاسب الوطنية لشعوب العالم برمته، لأن الوصاية الشرسة للولايات المتحدة تهاجم ما عبرت عنه نضالات التحرر القومي في القرن العشرين من تطلعات. و تدمر المكاسب الطفيفة في التنمية الاقتصادية المستقلة بقصد فرض استعمار جديد، وديكتاتورية الشركات متعددة الاستيطان.كما تمثل العولمة الليبرالية هجوما على المكاسب الاجتماعية لعمال العالم، وفي المقام الأول عمال البلدان الغنية. ذلك أن عبودية العمل المأجور المقترحة على بلدان الجنوب "قصد جلب الاستثمارات الأجنبية" تعمم في العالم أجمع هشاشة العمل ومرونة التشغيل والإجهاز على النضال التاريخي لفاتح مايو العالمي من أجل يوم عمل من ثماني ساعات.حين يؤكد بوتفليقة أنه يطبق هذه "الإصلاحات الملعونة" لتفادي مصير العراق فإنه يقدم تكذيبا لاإراديا للمزاعم الغوغائية الليبرالية في تحقيق التقدم.إنه يعترف بأننا على حق حين نعارض، لكن ليس ذلك السبب الحقيقي لانبطاحه أمام مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، فليس لهذه قدرة على استعباد العالم برمته. إن بلدانا صغيرة مثل أوغندا، دون الحديث عن كوبا، تنهج سياسات تغضب الولايات المتحدة الأمريكية، فقد قاومت دول مدمرة رشوة الولايات المتحدة الأمريكية في مفاوضات المنظمة العالمية للتجارة في كانكون أو في نقاشات مجلس الأمن. كما يبدي الاتحاد الأوروبي في الغالب معارضة للولايات المتحدة الأمريكية.لم يكن أولئك الذين فجروا، قبل خمسين سنة، ملحمة حركة التحرير الوطني ضد فرنسا والحلف الأطلسي يحوزون ما تتمتع به الدولة الجزائرية الحالية من قوة. يشبع بوتفليقة جشع الولايات المتحدة الأمريكية و طمع الأوروبيين بقصد نيل دعمهم في صراعه ضد منافسيه الجزائريين. يتعين عليه أخذ العبرة من المصير الذي خص به الغرب سوهارتو.بينما تظل الموارد المالية الطائلة المتأتية من ارتفاع سعر البترول غير مستغلة يقضي القانون الجديد حول المحروقات بخصخصة خطيرة، وينظم التحرش بالشركة الوطنية للأبحاث وتحويل المحروقات سوناطراك. وقد سبق ان شهد قطاع الهاتف المحمول هذا التنافس الزائف المنظم من قبل هيئة تنظيم البريد والمواصلات للسيد تو(عمار تو وزير البريد ووسائط الاتصال) والذي يعرقل مشاريع ألجيري تلكوم قصد بسط هيمنة قوية لأوراسكوم.باتت الشروط القانونية مستوفية من أجل تحويل ريع البترول لصالح كبريات الشركات الأمريكية على نحو يؤدي إلى إفلاس الخزينة الجزائرية ويهدد بوصاية عسكرية أمريكية واسعة على الصحراء الجزائرية.و يمثل تحذير صندوق النقد الدولي، الذي رفض اشتراط حفاظ المستفيدين من الخصخصة(تلك المراخصة الكبرى) على اليد العاملة و على النشاط الاقتصادي للشركات المشتراة، اعترافا صريحا بعزمهم على القضاء على القطاع العام.يفرض بوتفليقة على المشترين متطلبات العمال الدنيا هذه خشية أن ُيعاكس الرد الشعبي مشاريعه. كما أن الاستثمارات الكثيفة هي مسايرة لبرنامج الإنعاش الممنوح سنة 2001 للمضربين وللمنتفضين.يدل هذا القطع مع نصائح البنك العالمي التي يستعيدها بنشنهو أن النظام لازال يخشى نضالات العمال والجماهير الشعبية. مليون سكن؛ نعم ؛ وأكثر. طرق وسدود ومستشفيات ومدارس... لكن بدل تشجيع إنتاج وطني ناجع يبرز هذا المشروع الهائل، الممتد أربع سنوات، كدعم لنمو الأوصياء الإمبرياليين الذين يتوالون بالعاصمة بغية الحصول على طلبيات التجهيز وعقود إنجاز البنيات التحتية.يقوم بوتفليقة بخنق وتفكيك المؤسسات العمومية، التي حققت نتائج جيدة أثناء زلزال بومرداس، لكنه يندهش لغيابها في سوق يشجع المستعبدين الصينيين والعمالقة الأوروبيين والأمريكيين مثل هاليبورتون و بويغ. إنه يخنق مؤسسات صناعية عمومية ويحرمها من التمويل ويندهش من توفر البنوك على عشرة ملايير دولار راكدة.ويجبر سونتراك التي تمول الجزائر على اللجوء إلى الاقتراض من الخارج لتمويل استثماراتها بينما أموال الجزائر راكدة، ثم يتظاهر بالقلق من مستوى الديون الخارجية. إنه يخطط لتراجع الجهاز الصناعي القائم و يشرعن التهريب ثم يندهش من نمو الاستيراد.فعوض إنقاذ فيروفيال (المتخصصة في الصناعة السككية) بعنابة يتم انقاذ ألستوم فرنسا، وبدلا عن استخدام مخزون البترول الجزائري يجري رفع أثمان البنزين حتى تتمكن شركة طوطال من عرض منتجاتها في أسواقنا. وعوض برمجة بناء مصانع الأسمنت ووحدات مواد البناء الكفيلة ببناء ملايين الدور السكنية الضرورية لأبنائنا يتم خفض ثمن معامل الآجر والأسمنت وجعلنا تحت رحمة الاستيراد الهائل.إن مخططا للاستثمار فرصة لتصنيع البلد وفرصة لإنتاج السكك لتغطية 1200 كلم من السكة الحديدية الواجب تحديثها، وهو فرصة لتنمية مخطط تكاليف الشركة الوطنية لوسائل النقل الصناعي من أجل إحداث شركات نقل حضرية. من جانبها تدافع الدول الغنية باستماتة عن إنتاجها وعن فرص العمل مستخفة بقواعد المنظمة العالمية للتجارة المفروضة على دول الجنوب. ان الحكم، المستند على يسر مالي ناتج عن ارتفاع سعر البترول، لا عن سياسته هو، يرى أيضا في هذه الاستثمارات وسيلة لتهدئة الجبهة الاجتماعية. ريثما تخفت الحيوية في الورشات والعمل المؤقت، وريثما ُيعترف بهشاشة مشاريع الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب، لن يقوم العمال، الذين يتمنون بشكل مشروع مسكنا لدى وكالة تحسين وتنمية السكن، بالتصدي لتفكيك الصناعة الوطنية المستقلة لصالح التقهقر الاجتماعي المميز لورشات التركيب أو القطاع غير المهيكل.على هذا الأساس يكتسي الهجوم على الحريات النقابية وحق الإضراب والشراسة في مواجهة تمردات الشباب نفس أهمية التفكيك الزاحف لنظام الحماية الاجتماعية.نجحت المقاومة الاجتماعية، بوجه المشاريع الليبرالية لكل من حمروش وزروال ، في الحفاظ علي ما هو أساسي رغم عزلة عمال التعدين وهزيمة شغيلة البريد. منذ 2001 تمكنت هذه المقاومة، من إضراب الاتحاد العام للشغل بالجزائر إلى الانتفاضات الشعبية، من عرقلة المشروع الليبرالي الشرس وحمت القطاع العام ونظام الحماية الاجتماعية والتطبيب المجاني. لقد أفشلت هذه النضالات المريرة، من الأطباء إلى مجلس ثانويات الجزائر والتنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الابتدائي والتقني، تجميد الأجور. لكن الإنتظارية والسلبية حلتا مكان هذه الكفاحية. في الواقع لم تتوقف النضالات الاجتماعية والمقاومة النقابية، فرغم اشكال التخويف والقمع لم يستسلم المجتمع. فعلى نهج تعبئة العشور ومعامل الآجر الأخرى والاحتجاجات التي رافقت توزيع السكن الاجتماعي منذ شهور، رفض مجموع فيدراليات الاتحاد العام للشغل في تنسيقية الموانئ الخصخصة، ورفضت الفيدراليات والنقابات الأخرى الهجوم على حق دوام العمل في الوظيفة العمومية.ورفضت كل نقابات قطاع البترول القانون حول المحروقات دون أن تتبرأ من عدول الاتحاد النقابي عن محاربة هذه السياسة. ذلك أن العمال بحاجة، من اجل تنظيم هجوم مضاد في حجم التهديدات، إلى التزود بمشروع بديل للنهج الليبرالي يكون قابلا للتحقيق في سياق اقتصاد معولم شرس.إن العمال، الغارقين في النضال اليائس من أجل استمرار منشآتهم والحفاظ على فرص العمل، هم بحاجة إلى تحديد سياسة بديلة توظف المصادر الهائلة المتأتية من ارتفاع سعر البترول في إرضاء حاجاتهم الاجتماعية و تنمية الصناعة الوطنية و تشجيع زراعة تحد من التبعية الغذائية الحالية.هذا الشاغل هو أيضا هاجس لدى شعوب العالم أجمع، و يلتقي بتمرد العمال والشباب في التعبئة الهائلة من أجل عولمة بديلة. لكن إذا اكتست المقاومة الاجتماعية في الغالب شكل تمرد، وإذا استعصى على المقاومة النقابية الحفاظ على تعبير سياسي مركزي، وإذا تعايش الحفاظ على ثقافة شعبوية مع التصويت لصالح مرشحين متساوين في الليبرالية، فذلك تعبير على أن بعدا من أبعاد نضال العمال والجماهير الشعبية يعاني من تأخر كبير.إن الاحتجاج الشعبي بحاجة إلى برنامجه السياسي الخاص و إلى رايته الخاصة.نحن بحاجة إلى حركة سياسية ونقابية للعمال مستقلة عن الطبقات السائدة وعن دولتها وأحزابها، و مستقلة عن الدكاكين الإيديولوجية للإمبريالية.شوقي صالحي ناطق باسم حزب العمال الاشتراكي- بالجزائر جريدة خطوة –العدد11 – أكتوبر 2005 تعريب المناضل-ة

الأحد، سبتمبر ٢٤، ٢٠٠٦

قضايا الشغيلة التعليمية بالمغرب في صلب اهتمامات المنظمة الديمقراطية للتعليم
الحوار المتمدن - العدد: 1684 - 2006 / 9 / 25
عقد المكتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للتعليم العضو في المنظمة الديمقراطية للشغلODT اجتماعه الأسبوعي يوم السبت 16 شتبر 2006 بالمقر المركزي للمنظمة بالرباط، خصص لتدارس مختلف القضايا التي تستأثر باهتمام نساء ورجال التعليم والدخول المدرسي الحالي وما يشوبه من اختلالات وكذا ما آلت إليه أوضاع المدرسة العمومية من جراء السياسة التعليمية المتبعة والتي يؤطرها الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي يشرعن لتبضيع التعليم والإجهاز على مجانيته وضرب مقومات مدرستنا والاستنكاف عن رصد ميزانيات سنوية من أجل الرفع من مستوى نظامنا التعليمي وتأهيله لمواجهة كافة التحديات المطروحة.وبعد وقوفها على الأوضاع المتوترة التي تعيشها الأسرة التعليمية واتساع موجة الغضب والاستياء التي خلفتها كل من النتائج الهزيلة وغير المرضية لكل من الترقية الداخلية برسم سنة 2005 والحركة الانتقالية والتضييق المستمر على الحق في الإضراب باللجوء إلى اقتطاعات غير قانونية من رواتب المدرسين وكذا تماطل الوزارة الوصية في تسوية الملفات العالقة لمجموعة من الفئات التعليمية، وبعد استحضارها لموجة الزيادات المتتالية في أسعار بعض المواد والخدمات الأساسية التي ضربت في العمق القدرة الشرائية للمواطنين وعموم الأجراء عامة والشغيلة التعليمية بشكل خاص، فإن المنظمة الديمقراطية للتعليم ODT:1. تنـدد بشدة بالسياسة التعليمية اللاشعبية الرامية إلى الإجهاز على التعليم العمومي وتفويته إلى القطاع الخاص، وتطالب بضرورة إعادة النظر في السياسة التعليمية الحالية بهدف إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية باعتبارها المدخل الأساسي للمشروع التنموي المجتمعي المنشود.2. تعبـر عن استياءها من استمرار نفس مظاهر الاختلال والقصور التي ما زالت تطبع الدخول المدرسي سنويا ومن بينها الاكتظاظ وترهل البنية التحتية للنمؤسسات التعليمية وافتقاد بعضها للمرافق الضرورية ناهيك عن سوء تدبير الموارد البشرية والإجهاز على استقرارها الاجتماعي والنفسي وكذا النقص المهول في التجهيزات المدرسية والوسائل التعليمية.3.تطالب الوزارة بالإسراع بتسوية جميع الملفات العالقة للأسرة التعليمية بمحتلف فئاتها والتعجيل بإحداث ترقيةاستثنائية لإنصاف المتضررين (أفواج 2003-2004-2005) واحترام الحق في الإضراب والتراجع عن الاقتطاعات التي طالت أساتذة الإعدادي، وذلك من أجل التحفيز على البذل والعطاء وتفادي تصاعد وثيرة الغضب والاحتجاج بقطاع التربية والتكوين.4.تدين موجة الزيادات والغلاء التي طالت أسعار العديد من المنتجات والخدمات الواسعة الاستهلاك ومواصلة الإجهاز على القدرة الشرائية للأجراء ومن بينهم نساء ورجال التعليم، تثمن موقف مركزيتنا، المنظمة الديمقراطية للشغل Odt في هذا الشأن، وتطالب باعتماد السلم المتحرك للأجور.5.تعلن عن اهتمامها وتتبعها عن كثب لأشغال المجلس الأعلى للتعليم وتؤكد على ضرورة اضطلاعه بإعادة الاعتبار لنظامنا التعليمي ومدرستنا العمومية والانخراط الفعلي في مشروع إصلاح المنظومة التربوية والاعتناء بأوضاع الأسرة التعليمة ، المادية والمعنوية والاجتماعية، باعتبار أن قطاع التربية التكوين القاطرة الأساسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ببلادنا. والمنظمة الديمقراطية للتعليم وهي تؤكد مجددا مواصلتها للمسار النضالي والكفاحي الوحدوي والمستقل الذي تبناه المؤتمر الوطني التأسيسي والمتمثل في ترسيخ ثقافة التشاور وانتهاج الديمقراطية الداخلية كمدخل أساسي لإعطاء الممارسة النقابية ببلادنا تلك الطفرة النوعية التي تطمح إليها الأسرة التعليمية خاصة وعموم الأجراء عامة، فإنها تدعو كافة نساء ورجال التعليم إلى رص الصفوف ونبذ التفرقة والتشردم وفضح أعداء العمل النقابي الشريف والالتفاف حول إطارهم النقابي الوحدوي والمستقل، المنظمة الديمقراطية للتعليم، صونا للمكتسبات ودفاعا عن المطالب العادلة والمشروعة.عن المكتب الوطنيللمنظمة الديمقراطية للتعليم (ODT)الرباط، في: 16 شتنبر 2006.

الأربعاء، سبتمبر ٠٦، ٢٠٠٦


حصاد العولمة المُدمر... الفقراء 'يدعمون' الأغنياء!

ويليام فاف

في الكلمة التي ألقاها "بن بيرنانك" رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أمام اجتماع "جاكسون هول"- وايومينج لمسؤولي البنك نهاية الأسبوع الماضي قال إن دينامية نظام العولمة القائمة على التكامل بين الإنتاج والتجارة تضم في طياتها قوى مدمرة. كانت هذه ملاحظة واقعية مرحباً بها في تلك المناقشات. وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي أيضاً إنه ليس ثمة ضمان لاستمرار الإجماع الدولي على اتخاذ المزيد من الإجراءات من أجل تخفيف القيود التنظيمية، وتحقيق التكامل التجاري تحقيقاً لشروط العولمة.
حتى الآن، لم تقدم القوى الاقتصادية الكبرى في العالم إزاء هذا الوضع سوى وعود جوفاء لضحايا تصدير الأعمال للخارج، وتقليص حجم، وتدمير، الصناعات المحلية والمشروعات التجارية، والزراعة العائلية التي يعتمد عليها المزارعون كمصدر وحيد للرزق.

وقد قللت تلك القوى من شأن هذه المصائب باعتبارها عرضاً عابراً من أعراض التقدم. وفي الحقيقة أن تلك الأعراض تمثل جزءاً لا يتجزأ من العولمة وكما قال "بيرنانك" فإنها قد تتفاقم وتصبح أسوأ مما هي عليه.

وقدم "بيرنانك" مساعدة موضوعية صغيرة لضحايا التقدم عندما قال: "إن التحدي الذي يواجه صناع السياسات هو التأكد من أن فوائد التكامل الاقتصادي العالمي يتم تقاسمها على نطاق واسع من أجل تحقيق تغيير يصب في النهاية في خانة زيادة الرفاهية"، ومما قاله "بيرنانك" أيضاً أنه يجب تدريب العمال الذين حرموا من أعمالهم بحيث يكونون قادرين على الاستفادة من الفرص الجديدة.

وعبر الحاضرون في نفس الاجتماع عن هموم جدية بشأن حقيقة أن هناك قدراً هائلاً من رؤوس الأموال الخاصة بالدول الفقيرة في آسيا، وأميركا اللاتينية، والشرق الأوسط، يتم استثماره في الوقت الراهن في الولايات المتحدة، ولمصلحة الأميركيين.

وقال "بيرنانك" إن ذلك يرجع في المقام الأول إلى الافتقار إلى الفرص الاستثمارية.. بيد أن "كينيث روجوف" الأستاذ بجامعة هارفارد حذر من أن الاعتماد الأميركي على الدول النامية يعد علامة ضعف لأن مثل هذا التوجه ليس من النوع الذي يمكن عكسه أو تغيير اتجاهه كما هو واضح. كما قال إن ذلك ينطبق أيضاً على الشراء المنظم والمتواصل من جانب الصين للدَّين الأميركي العام، وهو ما مكن إدارة بوش من الإنفاق المتزايد باستمرار دونما حاجة من جانبها لفرض ضرائب متزايدة دوماً على زبائنها من المصانع وأرباب الصناعات وغيرهم من الداعمين، الذين يحصلون على مزايا كبيرة من وراء سياساتها.

ومن الأدلة الأخرى على أن الدول الفقيرة هي التي أصبحت تدعم الدول الغنية في الوقت الراهن، الأنباء التي تفيد بأن فقراء الولايات المتحدة يقومون بنفس الشيء تقريباً أي أنهم هم الذين يقومون بدعم الأغنياء في مجتمعهم. فأجور ومرتبات العمال الأميركيين تشكل أقل نصيب في الناتج المحلي الإجمالي منذ أن تم البدء في إحصائها منذ قرابة ستين عاماً. في نفس الوقت وصل نصيب أرباح الشركات والمؤسسات التجارية من الناتج المحلي الإجمالي إلى أعلى مستوى له منذ 40 عاماً.

وربح الإنتاجية في الصناعات الأميركية في السنوات الأخيرة أصبح أكبر بمرتين من مقدار الارتفاع في إجمالي التعويضات للعامل العادي، فقد بلغت زيادة الإنتاجية 16,6 في المئة خلال الفترة ما بين عامي 2000، و2005 مقارنة بـ7,2 في المئة من ربح الأجور للعمال. وحسب تقرير "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" فإن عدد ساعات العمل للعمال الأميركيين قد زادت بنسبة 20 في المئة خلال الفترة ما بين 1970- 2002. وخلال نفس الفترة، فإن عدد ساعات العمل في بريطانيا هبط بنسبة 7,2 في المئة، وفي ألمانيا بنسبة 17,1، وفي اليابان بنسبة 16,6. ومن المعروف أن متوسط ساعات العمل الإجمالية في الولايات المتحدة يبلغ 1,792 ساعة سنوياً.

أما بالنسبة للقوة الشرائية لشريحة الأجور الدنيا في الولايات المتحدة فقد وصلت إلى أدنى مستوى لها خلال 50 عاماً، في نفس الوقت الذي ارتفعت فيه تكلفة الخدمات الصحية، وهناك اتجاه مستمر من قبل الشركات الأميركية للاستغناء تماماً عن مساهماتها في توفير الضمان الصحي ومعاشات العمل لموظفيها لأنها ببساطة لم تعد قادرة على دفعها بسبب حدة المنافسة العولمية، ومطالبات "وول ستريت" بعوائد متزايدة باستمرار. ويرجع السبب الأساسي للزيادة النسبية في عدد الساعات التي يتم قضاؤها في العمل، والانخفاض النسبي في الأجور في الولايات المتحدة، إلى فقدان العامل لقدرته على المساواة بسبب الاتحادات التي تم إضعافها، والتهديد المسلط على رأسه بأنه ما لم يعمل في الوظيفة بالأجر المحدد له فسيتم تصديرها، أي تكليف مصادر خارجية بالقيام بها.

علاوة على ذلك لم يعد الأميركيون يحصلون على إجازات. ففي تقرير لـ"مجلس المؤتمرات" وهي مجموعة تجارية مستقلة جاء أنه في مسح تم إجراؤه في بداية هذا الصيف تبين أن 40 في المئة فقط من الذين أجري عليهم المسح هم الذين خططوا للحصول على إجازة خلال الشهور الستة التالية وهي أدنى نسبة من نوعها خلال 28 عاماً. وقد أكد مسح أجراه معهد "غالوب" ذلك في شهر مايو.

وتقول تلك المجموعة التجارية إن الناس مشغولون للغاية إلى درجة لا تسمح لهم بالحصول على إجازات لأن تضاعف وسائل الاتصال الإليكتروني والحاجة إلى البقاء على اتصال مع المستهلكين والمتنافسين جعلا إيقاع العمل محموماً بدرجة لا تسمح للناس بمغادرة مكاتبهم. ويشير آخرون إلى أن بعض الموظفين أصبحوا يعتقدون أنهم لو ذهبوا في إجازة فإن هناك آخرين سيحلون محلهم، وأنهم لن يجدوا وظائفهم في انتظارهم عندما يعودون إلى الوطن قادمين من إجازاتهم في الخارج.

قد يكون ذلك صحيحاً بالنسبة لبعض الناس.. ولكن الحقيقة هي أن هناك موظفين لا يمنحون إجازات في الأصل. فربع عدد الموظفين الأميركيين العاملين في القطاع الخاص لا يحصلون على إجازات على الإطلاق وذلك وفقاً لبيانات إحصائيات مكاتب العمل. وهناك 33 في المئة آخرون يحصلون على إجازة لا تزيد على أسبوع في العام. أما نظام الإجازة "العائلية السنوية" القديم لمدة أسبوعين والذين كان تقليداً أميركياً ثابتاً فيبدو أنه قد انتهى إلى الأبد.

أما الفكرة الخاصة بالحصول على إجازة سنوية لمدة ستة أسابيع (بالإضافة إلى تشكيلة متنوعة من الإجازات العامة والعطلات الدينية) مثل تلك التي يحصل عليها الموظفون الفرنسيون والألمان فتبدو فكرة خيالية في أذهان الأميركيين الآن.. لا بل إن هؤلاء من الأميركيين من يتعجبون من قدرة الاقتصادات الأوروبية على الاستمرار في منافسة الاقتصاد الأميركي في نفس الوقت الذي يحصل فيه العمال والموظفون فيها على كل هذا القدر من الإجازات.. ولكن هذا هو الذي يحدث بالفعل.

إن اليوم الاثنين الموافق الرابع من سبتمبر هو يوم "العمل" في الولايات المتحدة وكندا وهو اليوم الذي أعلنته الاتحادات العمالية عام 1882، وجعله الكونجرس الأميركي إجازة رسمية عامة عام 1894. كان الغرض من هذا اليوم في الأساس هو تكريم العمال ومكافأتهم –على الأقل هؤلاء القادرين على الحصول على إجازة في ذلك اليوم
.

ويليام فاف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاتب ومحلل سياسي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة "تريبيون ميديا سيرفس
"

الثلاثاء، سبتمبر ٠٥، ٢٠٠٦

تجار الدين سرقوا البنزين
توجد فكرة سلبية سائدة عن الأشقاء السودانيين انهم شعب كسول وهذا غير حقيقي وهو بدعة زرعها الاستعمار ليستحل استنزاف شعوبنا
لقد رفعت الحكومة المصرية اسعار البنزين والسولار ولم تتحرك اى قوي سياسية للدفاع عن حق الغلابة
ولكن في السودان خرجت مظاهرات تقدم عريضة لرئيس الجمهورية
ورغم ان الحكم السوداني حكم جبهة الانقاذ يدعي الحكم باسم الاسلام فذلك لم يمنع اشقائنا من الهتاف " تجار الدين سرقوا النزين"
وسقط الشهيد صديق محجوب من القنابل الخانقة وهو من عمال السكة الحديد بالمعاش سقط لتعيش السودان
هل نتعلم من الدرس السوداني ؟
مرفق مقال عن الحداث
المصري

الثورة تنتظر الثوريين ــ مجدي الجزولي
خرجت يوم الأربعاء 30 أغسطس 2006 جماهير من السودانيات والسودانيين للتعبير عن رفضها قرارات الحكومة زيادة أسعار السكر والبنزين والجازولين التي أعلنها السيد وزير المالية في مؤتمره الصحفي مساء الخميس 17 أغسطس 2006. كانت نية الجموع السير سلمياً إلى القصر الجمهوري برفقة قيادات حزبية وجماهيرية وفي معيتها مذكرة تحوي صياغة لهذا الرفض، ومن ثم تسليمها السيد رئيس الجمهورية. ما حدث أن السلطة واجهت هذه الحرية "الدستورية" بدرجة من "التسامح" تساوي صفر (zero tolerance) فقمعت الجماهير بشغف مرتعب قبل موعد سير المظاهرة السلمية. ضمن هذه الكلمة أورد ملاحظات مصدرها حوار حول مظاهرة الأربعاء جمع زميلات وزملاء وكنت من المشاركين فيه.احتفائي الخاص بمظاهرة "البنزين" كما عمدتها الجماهير بهتافها الجارح "تجار الدين سرقوا البنزين" غالب على تقييمي الموضوعي وهذا لمس من الشوق لتغيير تقوده الجماهير بعملها الجماعي، وآفة تعتري المتفائلة. لكن استئناس الرأي عند أهل المحبة والوفاء صوب على القضية عين النقد والشك والتعلم بجانب عين الرضا، وهذا من عمار الجماعة ورشد الحوار إذا صلح الهدف وصدق العزم. كان الانتقاد الأول أن المظاهرة تأخرت عن ميعادها الواجب بأيام عديدة فالسيد وزير المالية أعلن قرارته مساء خميس تتبعه إجازة الجمعة، وذلك حتماً لغرض، ثم مضى وقت طويل سماه صديق عزيز فترة كمون (latency period) فاقت "يوم ويومين وجمعة" حتى التأم شمل القوى الوطنية واتفقت على صياغة بيانها وإعلان التظاهر وسيلة للاحتجاج. وذلك تأخير أضر بالقضية وأثبط من همة جماهير كانت ثائرتها تثور، خاصة وما من درب برلماني لإلغاء القرار فأغلبية المؤتمر الوطني البرلمانية يستحيل أن تخرج (dissent) على قرار السلطة التنفيذية، والحركة الشعبية تشريعيين وتنفيذيين زاهدة بتصوف غامض في أي جهد يحفظ ماء الوجه. كذلك كان من غير الموفق ربما إعلان الواحدة ونصف ظهراً ساعة لبداية المظاهرة، وذلك في يوم نظمت فيه الحكومة وأطراف تابعة لها مسيرة صباحية "دفع مقدم" أفرغت الخرطوم كيداً من الموظفين والعمال منذ بداية اليوم، وهم "أسياد وجعة" في البنزين المسلوب. كذلك فشل "المنشور"، وهو وسيلة مجربة ومعتمدة في تراثنا السياسي، فشل لدرجة كبيرة في تعبئة الجماهير المنتظرة، وأقتاد رجال البوليس بعض من قاموا بتوزيع منشورات في أحياء الخرطوم الجنوبية إلى الحراسات. الخيط الذي يجمع ما سبق أن رابط الإتصال بين القوى الوطنية والجماهير ضعيف وغير فعال، لقصور في الخطاب السياسي، وبطء في الاستجابة للمستجدات، وعلة في الوسائل، وذلك في زمان سرعته تقاس بصفع "النقل المباشر" على شاشات التلفزيون، والرسالة التلفونية الآنية. في انتظار من تجمعوا ناحية ميدان الأمم المتحدة كانت كتائب من البوليس على صهوات "بكاسي" الدفع الرباعي، في أعداد مهولة حقاً فاقت مرات عدة عدد المتظاهرين، ومدججة بكل لوازم القمع: الدروع، والخوذات الواقية، والعصي، و"البمبان"، والأسلحة النارية. كما عبرت لحظات قبل بداية المظاهرة ثلاث شاحنات كبيرة بالشارع المقابل تفيض بالجنود المسلحين في استعراض شاخص للقوة. اللافت للنظر بالدرجة الأولى الكفاءة الفنية للبوليس، فقد كان رجاله في تمام الجاهزية المادية، عدة وعتاد. كذلك أغلقت مجموعات أخرى من البوليس مداخل ومخارج المنطقة، وانتصب آخرون فوق سطوح المباني، وهنالك طبعاً الذين لا يُدركون إلا بأفعالهم من غير أهل الزي الرسمي، فقد شُوهد منهم من يزجر أصحاب الدكاكين والمارة ويأمرهم بالاغلاق و"الشتات". أمر رجال البوليس الجمع بالتفرق فأبى وبدأ الهتاف بجملة أحدهم "لن ترعبونا" ثم إشتد وعلا: "عاش نضال الشعب السوداني"، و"تجار الدين سرقوا البنزين". على ذلك بدأ البوليس بإطلاق البمبان ثم الضرب والاعتقال. تفرق الجمع تلك الساعة ليلتقي مرة أخرى في موقف مواصلات أم درمان ناحية الجامع الكبير، وتعاد الكرة، ثم تفرق والتأم مرات أخريات حتى تمام قمعه. قضى مناضلاً في هذه "الكبسة" شيخ في المعاش، صديق محجوب صديق منور، من معاشيي السكة حديد عطبرة، وسكان حي جبرة. خرج صديق للتعبير "دستورياً" عن غضبه وسخطه وحقه، فأسكتت السلطة أنفاسه بالبمبان الذي أثار الربو عنده حتى غصت شعبه الهوائية قهراً وظلماً وأسلم الروح في الاسبتالية. لكن ثائرة الربو كانت علة ظاهرة وباطن الأمر وجع مزمن من ظلم السلطان، وقهر الزمان، وجحود الدولة. وأنكى من كل ذلك تخاذل القاعدين عن التضامن الجمعي من شياطين خرس ينظرون إلى تجاعيد وجهه الباسل ويظنونها ولدت معه، وقد وهب عمره أهله وشعبه عملاً مثابراً في صفوف السكة حديد ليموت كفاح الغلاء، ومعاشه ضنك لا يفي البقاء. أيدري الذي أطلق البمبان والذي أمر بذلك والذي أمر الآمر حتى آخر السلسلة أي ذنب اقترف، هل فكر أحدهم من يكون، أليس رحم أحد وجار آخر، أليس بشر؟ أيرضى أحدهم لوالد له أو جد أو قريب أن يموت هكذا "سمبلة" البنزين والسكر، وليس في فراش يتحلق حوله المحبون في رضى الود الأسري وكرامة آخر العمر وشرف العمل النافع.إن مقارنة مظاهرة "البنزين" بسابقات لها في نضال شعبنا ضد ديكتاتورية الانقاذ يبرز مستجدات تستحق الانتباه. أول ذلك أن مظاهرات منتصف التسعينات كانت جميعها أو تكاد طلابية صرفة، حيث نهضت الحركة الطلابية الديموقراطية وحيدة تقاوم وتصارع. وذلك لشدة وطأة القهر الذي كبلت به الانقاذ قطاعات الحركة الجماهيرية الأخرى. هذه المرة تغير الحال فالمظاهرة جمعت فصائل مختلفة سياسية وشعبية وعمرية، وشاركت فيها قيادات حزبية وجماهيرية تطمئن لها الجماهير وتطمئن بها وتعرف فضلها وثقل ميزانها النضالي من بينها سكرتير الحزب الشيوعي أستاذنا محمد ابراهيم نقد. عليه تجاوزت المظاهرة مرتبة الاحتجاج الطلابي إلى مقام العمل الجماهيري كامل الدسم فأنضم إليها المواطنون على ثقة في تنظيمها ومقصدها، إذ تعذر تبخيسها كمحض فوضى طلابية، أو غضب شبابي. إن رؤية تيجان الشيب تكلل رؤوس ثلة مقدرة من المتظاهرات والمتظاهرين كان له أثر مقدر في صد هجوم البوليس، هذا من جهة، وفي تعزيز ثقة المتظاهرين في أنفسهم وفي قضيتهم من جهة أخرى. المرء ينظر يمنة ويسرة ليرى أمهاته وآباءه بجانبه ومن خلفه الأقران وقدامه، يهاله بأس الجمع ويكرم صمودهم بطرد خوف الذات على نفسها فيشمخ بهم ولهم. الجديد أيضاًَ بعض فضل التكنولوجيا و"العولمة"؛ الحماية الأساسية التي توفرت للمظاهرة كانت شاشات التلفزيون المباشر، فآلات التصوير العجيبة التي تبث الصور الحية إلى كافة أنحاء المعمورة حجمت عنف البنادق والهراوات نسبياً. لذا كانت الكاميرات المحمولة وكاميرات الموبايلات الهدف الأساس لهجمات البوليس، حيث قام رجاله أول ما قاموا بإطلاق البمبان على عربة وكالة رويترز للأنباء، كما استهدفوا فريق قناة الجزيرة، واعتقلوا مراسل بي بي سي العراقي المهذب الأستاذ صفاء. من ناحية الميزان السياسي طرحت المظاهرة علامة استفهام يتبعها التعجب في وجه الحركة الشعبية شريكة المؤتمر الوطني الكتوم، أو بالأحرى قذفت بها قذفاً، فقد غابت نصيرة المهمشين ساكنة القصر الجمهوري عن حضرة الجماهير وتوارت بسلطتها التشريعية والتنفيذية أثقال تحملها خلف ركام الكلام. هذا بصدد "القيادة" لكن قواعد وفئات من الحركة الشعبية فضلت "الخروج" حيث وقعت على بيان مضاد للزيادات مسؤولة نسوية من الحركة الشعبية بجانب أخريات يمثلن منظمات نسوية وأحزاب سياسية. هنا لا بد من وقفة إجلال وإكرام وتقدير للمرأة السودانية التي كانت شريان المظاهرة النابض، تقود الرسن عاشت ودامت التي لا تغيب. هذا دأبها المعلوم عنها وليس استثناءاً، تناضل كل حين وساعة وفي كل "حارّة" من حلة الملاح إلى المظاهرة. كن هنالك الرائدات الناهضات المناضلات، قمعن القمع كما هي عادتهن النارية، هتافهن وزغاريدهن ملء الفضاء والفؤاد، ترسخ في الذهن صورهن و"التياب" جليلة من عبق، كمثال: ست الشاي التي "لفحت" ثوبها تزاحم الزحام وتزغرد فرحة مرحة بنصر وفتح قريب، وزميلة في ثوب أخضر هيبة وأي هيبة برزت تتقدم كسهم نافر ساعدها قامة السماء في الكر عند موقف مواصلات أم درمان بعد الفر من بمبان ميدان الأمم المتحدة. اجمال الدروس من تمرين مظاهرة "البنزين" أن لا بد من تقصي وتجديد وسائل التعبئة الجماهيرية، ومن ذلك ضخ الحيوية في المنظمات الجماهيرية والفئوية. كذلك من الضروري الاستفادة القصوى من فعالية التغطية الإعلامية وإحكام قنوات الصلة مع شبكات التلفزيون الدولية ووكالات الأنباء، وشبكات التضامن الشعبي التي يضج بها الفضاء السيبيري. الدرس الأعظم ألا بديل للعمل الجماهيري سوى العمل الجماهيري، هذا هو الطريق، ومن أراد القصد فليعمل على إصحاح الخطأ. أما الحكومة فقد تعرت من دستورها ووقفت تستر عوراتها بالسلاح والخوذات والعصي والبمبان.. مكشوف حالها يستبد بها العنف والرعب وما استبد بالجماهير. آخر القول تحية وسلام لشهيدنا صديق محجوب دامت ذكراه أبداً، من السكة حديد إلى سكة الحياة الأبدية، إنضم إلى "الرفاقة" والزهو كساءه، فقد قضى دون حق شعبه في الحياة، وهو شيخ أتى الشيب مفارقه وتجاوز، لكن ما بالروح العطب
.

الاثنين، سبتمبر ٠٤، ٢٠٠٦




قطار قليوب والخصخصة على الطريقة المصرية
أحنا وقيد المراجل
خضرة فى سن المراجل
ودم على النياشين
عندما ارادت الحكومة خصخصة مرفق حيوي مثل السكة الحديد ولت عليه مجموعة من اللصوص المتوالين وحجبت عنه الدعم والتمويل وتركته نهباً للفساد والاهمال
حتى تجبر الجموع من ركاب قطارات الموت على الكفر بالملكية العامة
والحلم بسراب التحسن فى ظل إدارة القطاع الخاص
ويتحدثون عن الأدارة الاقتصادية للقطاع الخاص وكأن قدر وحتمية الإدارة الحكومية أن تكون فاسدة ؟!!!
إن فقراء هذا الوطن مفترشي الأرض وركاب الدرجة الثالثة هم الذين يدفعون الثمن
وهم المنوط بهم الدفاع عن حقهم فى وسائل نقل آمنة وباسعار فى متناول أيديهم.
لايهمنا شكل الملكية رأسمالية دولة أم رأسمالية القطاع الخاص أم شركات اجنبية
ما يهمنا هو حقنا فى وسيلة مواصلات مناسبة وآدمية
وفي رقابة شعبية على أداء المرافق العامة ومشاركة فعلية لعمال السكة الحديد فى إدارة مرافقهم فليس بالخصخصة وحدها تتطور المرافق العامة

" مشروع رؤية عامة للتوجه السياسي لاتحاد اليسار "

تمت علي مدي السنوات الماضية عدة محاولات لتقديم رؤية برنامجية للتغيير اليساري المنشود في مصر ، وسنجد أنها جميعاً تضم نقاط عامة يمكن الاتفاق عليها وبعض التفاصيل التي تمثل نقاط نقاشية بين مختلف المجموعات. وقبل طرح بعض ملامح الرؤية البرنامجية المقترحة أود طرح بعض الملاحظات العامة منها:
1 ـ إننا يمكن أن نكتفي خلال هذه المرحلة بطرح توجهات عامة وليس نقاط تفصيلية تحتاج إلي بحث ونقاش يجب أن يأخذ وقته،فلنعطي وقتاً لإنضاج حوار حول النقاط التفصيلية والخلافية ونكتفي الآن بالتوجهات العامة.
2 ـ إننا لن نقدم رؤية جديدة ولكننا نعيد طرح أفكار سبقنا إليها آخرين من قوي اليسار خاصة خلال الأعوام القليلة الماضية.
3 ـ إن بناء البرنامج قضية كفاحية أكثر منها قضية نظرية ، فلا يصح أن يجلس مجموعة من الحكماء لصياغة برنامج وطرحه علي الناس. إن بناء البرنامج عملية مستمرة تبدأ بأفكار عامة تخرج منها نقاط تفصيلية وقطاعية يتم اختبارها عبر المعارك الجماهيرية وتطويرها وإعادة صياغتها باستمرار حتى يتم استكمال كافة النقاط البرنامجية من خلال تفاعل بين الفكر والممارسة العملية في مختلف المواقع الجماهيرية.

توجد بعض المحددات الهامة التي طرحها القديس الراحل الأستاذ أحمد نبيل الهلالي في وصيته الأخيرة حول " فلنبني معاً .. اتحاد كل قوي اليسار" ونستنبط منها :
ـ لا يوجد بين أطراف اليسار من يملك الادعاء بأنه المالك الوحيد للحقيقة.
ـ إن الحزب ليس كيانا ذا طابع أيديولوجي فهو يقوم على اتفاق سياسي وليس توافق إيديولوجي.
ـ برنامج الحزب بالضرورة برنامج سياسي مرحلي يطرح حلولا واقعية لمشاكل الوطن والجماهير وذلك كبديل لمجمل سياسات النظام.
ـ هذا البرنامج بالضرورة منحاز لمصالح العمال والفلاحين وسائر الكادحين وصغار المنتجين والحرفيين والمثقفين والشرائح المضارة من الفئات الوسطي التي تكتوي بنار سياسات النظام.
وبناء علي ذلك يمكن تلخيص المبادئ العامة للحزب فيما يلي:
أولاً ـ بناء دولة مدنية حديثة تقوم علي مبدأ المواطنة الكاملة وتعتمد علي:
· جمهورية برلمانية تعتمد على الفصل التام بين السلطات.
· لامركزية إدارية تقوم على انتخاب الموظفين في الوظائف العامة .
· رقابة شعبية على أداء مختلف الأجهزة الحكومية.
ثانياً ـ بناء تنمية مستقلة معتمدة علي الذات ودور للدولة في التنمية بما يحقق تحرير الوطن من أغلال التبعية السياسية للإمبريالية والتبعية الاقتصادية للرأسمالية العالمية ومؤسساتها المالية والتجارية الدولية . ويعتمد ذلك علي:
· المشاركة الديمقراطية والتوزيع العادل للثروة والدخل كشرط لنجاح التنمية واطرادها.
· إن استقلالية التنمية لا تعنى الانكفاء على الذات ، ولا القطيعة الكاملة مع العالم الخارجي . بل إن جوهر استقلالية التنمية هو توفير أكبر قدر من حرية الفعل للإرادة الوطنية المستندة إلى تأييد شعبي حقيقي ، في مواجهة عوامل الضغط التي تفرزها آليات الرأسمالية ، وفى مواجهة القيود التي تفرضها المؤسسات الراعية والحارسة للنظام الرأسمالي العالمي .
· عدم مقاطعة التجارة الدولية والاستثمار الأجنبي ، واعتماد مبدأ الانتقائية والتدرج في فتح السوق الوطني بالتوازي مع التقدم في بناء القدرات الإنتاجية وازدياد القدرات التنافسية الوطنية ، مع عدم التحرج من تقييد الواردات غير الضرورية ومن وضع الاشتراطات على المستثمرين الأجانب ، ومع تقديم الدعم المشجع لزيادة التصدير .
· أن النموذج البديل للتنمية الرأسمالية لا يعادى القطاع الخاص ، بل يقر بالحاجة إلى نشاطاته الإنتاجية لتعزيز التنمية . ولكنه يدرك قصور إمكاناته وقدراته،واحتمالات انجذابه للأنشطة الطفيلية وضعفه أمام إغراءات الشركات الدولية.كما أنه يستشعر حاجته إلى قيادة رشيدة تأخذ بيده وتنسق تحركاته.ومن هنا فإلى جانب الحرص على الدور الإنتاجي للقطاع الخاص ، ثمة دور تنموي قوى للدولة وللقطاع العام الإنتاجي.
· أن المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات وفى متابعة تنفيذها ، فضلاً عن المشاركة في ثمار التنمية وحسن توزيع هذه الثمار ، صمام الأمان ضد انحرافات البيروقراطية وضد الفساد الإداري وضد تبديد الموارد وإهدار القدرات الإنتاجية.إن المشاركة الشعبية ضرورية لتسريع عمليات التنمية وتأمين اطرادها.فالتحول الديمقراطي ضروري للتنمية بقدر ما هو ضروري لإقامة حياة سياسية سليمة.
ثالثاً ـ دعم الاستقلال الوطني، مع عدم الانعزال عن العالم، ويعتمد ذلك على أوسع أشكال التضامن الاجتماعي، وبناء الجبهات والأحلاف الإقليمية والعالمية لمواجهة الضغوط الاستعمارية الرامية لاستمرار الهيمنة وفرض تقسيم للعمل يؤبد سيطرتها على مقدرات شعوب العالم وثرواتها لصالح حفنة من الأغنياء أفرادا ودولا. ويقوم بالتالي على مناصرة حق الشعوب في تقرير مصيرها، ودعم كل أشكال المقاومة للسيطرة الاستعمارية، وفي منطقتنا العربية على وجه الخصوص يدعم المقاومة الفلسطينية الباسلة ضد الكيان الصهيوني، القاعدة الاستعمارية الأكثر تقدما ووحشية، والمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي.

هذه بلورة سريعة للرؤية البرنامجية الأساسية في حدود الوقت المتاح وهي رؤية عامة ومبادئ أساسية، أما البرنامج التفصيلي فهو يحتاج منا جميعاً للمزيد من البحث والجهد والتفاعل الجماهيري حتى ينضج بشكل مناسب.
هل يكفي إعلان المبادئ هذا كخطوة على الطريق ننطلق منها؟!

إلهامي الميرغني
1/7/2006



الجيش الاسرائيلي بين حربي 1973 و ‏2006‏‏
إدوارد لوتفاك

«بروجيكت سانديكايت»

غداة حرب الغفران («رمضان»)، في تشرين الأول (أوكتوبر) 1973، ابتهج العالم العربي باهتزاز الأسطورة التي تزعم أن الجيش الاسرائيلي لا يقهر. فالجيش المصري اجتاز قناة السويس، وهاجم الجيش السوري الجولان. وحُمّل المسؤولون الاسرائيليون تبعة خسارة 3 آلاف جندي في حرب انتهت من غير نصر حاسم. وأدى التشكيك في كفاءة غولدا مائير، رئيسة الوزراء، وموشي دايان، وزير الدفاع، وديفيد اليعازر، قائد الاركان، ورئيس جهاز استخبارات الجيش، الى صرفهم وإقالتهم.
واقتضت العودة الى تقدير الحوادث والوقائع حق قدرها، بعض الوقت. والمفارقة أن القيادة المصرية والسورية بادرت الى العودة هذه، وسبقت القادة الاسرائيليين. وبينما كان المعلقون، باسرائيل وخارجها، ينعون خسارة التفوق العسكري الاسرائيلي أو يبتهجون بها، أقر الرئيسان المصري أنور السادات، والسوري، حافظ الأسد، أن بلديهما شارفا كارثة أقسى من كارثة 1967. وخلص الرئيسان الى فرض تجنب حرب جديدة. وهذا ما حمل السادات على انتهاج طريق السلام، وحمل الأسد، في 1974، على توقيع وقف نار بالجولان، والاتفاق هذا لم ينتهك مذ ذاك.

وفي حرب الغفران أخذت إسرائيل على حين غرة، ولم يؤل عمل الاستخبارات التأويل المناسب، بينما ساد البلد جو من الثقة المفرطة حاذى الغطرسة. وفي أكثر من موضع ترك من غير حماية، لم تقوَ الجبهة على الصمود. وكانت خطة المصريين العسكرية ممتازة، وقاتلوا جيداً. وتقدمت المدرعات السورية من غير تردد، وهاجمت القوات الاسرائيلية طوال ثلاثة أيام وثلاث ليال على شاكلة أمواج متعاقبة. وبعد 48 ساعة على بدء الحرب، بدت اسرائيل، على الجبهتين، قريبة من الهزيمة. ولكن انجاز تعبئة الجيش الاسرائيلي، وجاهزية فرق الاحتياط وهذه تبلغ 90 في المئة من عديد القوات المسلحة، أمكنت الاسرائيليين من التصدي للجيشين، المصري والسوري، وردهما. وبادر الجيش، من غير ابطاء، هجومه. وعندما وضعت الحرب أوزارها، كانت القوات الاسرائيلية على 100 كلم من القاهرة، و 30 كلم من دمشق. ولكن صدمة الهجوم المفاجئ، في أول الحرب، حجبت الانجاز، على نحو ما حجبته ردود الفعل الانفعالية، وحالت دون تبديد الظواهر الخادعة.

وتتجدد الظاهرة نفسها، اليوم، في تقويم حرب لبنان وتعليلها اللاحق. فلا مسوغ للدهشة من اختراق السلاح المضاد للدروع، الأكثر تطوراً، صفائح المدرعات الثقيلة والحصينة. والحق أن الدبابات الاسرائيلية حدت الخسائر المترتبة على المفاجأة. وقياساً على الأمر نفسه، تتعذر الحماية من الصواريخ القصيرة المدى والمزودة رؤوساً متفجرة صغيرة، على ما يدرك القاصي والداني. وقوة هذه الصواريخ لا تستحق انفاق بلايين الدولارات على أنظمة تسلح باللايزر ضخمة. ويماشي معلقون كثر قول الشيخ نصرالله أن «حزب الله» قاتل قتالاً تفوق شجاعته قتال جنود الجيوش النظامية العربية في الحروب السابقة. والحق أن المشاة المصريين، في 1973، صمدوا صموداً مشرفاً بوجه تقدم المدرعات الاسرائيلية وهجومها. وقاتل الجنود المصريون على أرض ومنكشفة، في الصحراء، ولم يحظوا بالمخابئ وجدران البيوت الحجرية التي احتمى بها «حزب الله».

ولا شك من وجه آخر، في أن خطة اسرائيل العسكرية كانت غير متماسكة. وأدى هذا الى ترتب دمار كبير على قصف الاهداف الدقيقة (ولكنه أدى الى مفعول رادع فلم تبدر من سورية بادرة رد). وعلى النحو نفسه، كانت تحركات الجيش الاسرائيلي البرية مترددة وغير حاسمة. ولم تطبق اسرائيل خطة جيدة سبق إعدادها. وكانت الخطة تقضي بتنسيق هجوم مثلث، بحري وجوي وبري، سريع ووراء خطوط الجبهة، على أن تلتف القوات على خطوط «حزب الله» الخلفية في مسيرها الى الحدود. وبقيت الخطة في الادراج. والسبب في تركها هو ضعف الخسائر المدنية الاسرائيلية، فالقيادة الاسرائيلية توقعت قصفاً كثيفاً بآلاف الصواريخ غير الدقيقة التصويت التي تعوض قوتها التدميرية ضعف تصويبها، وفي مستطاعها قتل مئات المدنيين يومياً. ولو صدق هذا التوقع، ونجم عن القصف الصاروخي وقوع مئات المدنيين قتلى، لجاز سياسياً القيام بعملية هجومية كبيرة تحشد فوق 45 ألف جندي وتؤدي الى مئات القتلى منهم.

ولكن «حزب الله» اختار بعثرة صواريخه، وقذائف مدفعيته في الميدان، وأوكل بها ميليشيا القرى. وحرصت هذه على حماية منصات الصواريخ وتخبئتها. ولم تفلح في تنسيق اطلاق كثيف ومجمع على الاهداف. واقتصرت خسائر الاسرائيليين على قتيل مدني أو اثنين في اليوم الواحد. وغداة ثلاثة اسابيع من الحرب، كانت المحصلة أقل من بعض العمليات الانتحارية. فلم يسوّغ الأمر، في نظر الجمهور الاسرائيلي والرأي العام، هجوماً كبيراً يؤدي الى سقوط جنود فتيان وآباء أسر، ولا يجتث «حزب الله»، وهو حركة سياسية وليس جيشاً أو ميليشياً وحسب. وعلى خلاف ياسر عرفات، يعول نصر الله على مساندة أهالي الجنوب. واضطلاعه بالمسؤولية عن الحرب دعاه الى تعجيل اعادة الاعمار. وقاعدة الحزب الشعبية هي، اليوم، رهينة نهجه، واستقامة هذا النهج. ولا يسعه، بعد هذا، المبادرة الى دورة عسكرية جديدة تفضي الى دمار عميم.

(خبير استراتيجي ومستشار عسكري في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن)، «بروجيكت سانديكايت»،