egyption1

الاثنين، أغسطس ٠٦، ٢٠٠٧

المقاومة الاجتماعية والعبور للمستقبل

المقاومة الاجتماعية والعبور للمستقبل

إذا الشعب يوماً أراد الحياة ، فلا بد أن يستجيب القدر ، هذه الكلمات للشاعر أبو القاسم الشابي هي التي تربينا عليها وتعلمنا معاني المقاومة ، وحاولت جيوش الهزيمة والاستسلام تقول أن هذا مجرد كلام أغاني لا معني له .بالفعل لقد زار السادات القدس دون أن تخرج مظاهرة ترفض ذلك ووقع كامب ديفيد دون مقاومة وبدأ الانفتاح دون أي مقاومة تذكر ، ثم جاء الرئيس مبارك ليبدأ الخطوات التنفيذية دون مقاومة حقيقية باستثناء بعض النخب الثقافية .

لقد نجحت الرأسمالية في تزييف الوعي الاجتماعي والسياسي والطبقي وكان الإعلام والتعليم الميدان الرئيسي لغسيل المخ الذي تم للشعب المصري حتى أصاب اليأس معظم القادة المعارضين وتحللت أحزاب واختفت أخري وبقيت حفنة قليلة مؤمنة بالبعث السياسي والجماهيري رآهم البعض حالمين ورآهم الكثيرين مجانين. حتى ظهرت حركات التغيير مثل 20 مارس وكفاية والحملة الشعبية من اجل التغيير كعلامات هامة علي طريق التغيير السياسي في مصر ورفض التوريث ، ولكن شجرة الحياة مورقة دائماً . فظهرت حركات فئوية مثل مهندسين ضد الحراسة وحركة 9 مارس لاستقلال الجامعات ثم المهندسين الديمقراطيين ومصريون ضد التمييز الديني ، كما نجح الصحفيين المصريين في وقف فانون الصحافة الجائر وتعديله ثم توج ذلك بانتفاضة القضاة حماة العدل من اجل الدفاع عن استقلال القضاء ورفض التبعية للسلطة التنفيذية التي تقيد القضاة.

لقد نهض المارد من رقاده واستيقظت مصر علي رموز جديدة للمقاومة الاجتماعية فلم تعد أخبار ساويرس وأبو الفتوح ودينا وحسام حسن فقط هي التي تتصدر الأخبار بل بدأ الناس يعرفون جورج إسحاق وهاني عنان والمستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي والدكتور أبو الغار والدكتور عبد الجيل مصطفي رموز عصر المقاومة الجديد.

رأي البعض أنها مجرد حركات نخبوية قاهرية بشكل رئيسي رغم محاولات حركة كفاية لنقل الحركة خارج القاهرة والتي كانت محدودة ، ولكن حان الوقت لينجلي الليل الذي دشنه استشهاد نفيسة المراكبي وهي تدافع عن الأرض في سراندو واعتصام فلاحي كمشيش ودكرنس واعتصامهم في الأرض ورفض عودت الأرض لورثة الإقطاعيين بعد أن سددوا ثمنها بالكامل فهي ليست منحة حكومية بل حق مصان.


ثم دشنت الطبقة العاملة المصرية مرحلة جديدة من المقاومة الاجتماعية بدأت مع نهايات عام 2006 وهي مستمرة وتبشر بتصاعد حدتها حيث طفح الكيل ووصل العمال إلي نقطة الصفر فلا يستطيعون تحمل اعتداءات جديدة علي حقوقهم . وتتميز الحركة الاحتجاجية العمالية الأخيرة بعدة مميزات هامة منها:
ـ مرت الخصخصة خلال المراحل الأولي بدون مقاومة حقيقية، بل لقد هرول العمال والقيادات نحو المعاش المبكر الذي أخرج نصف عمال القطاع العام وأكثر من نصف شركاته. وجاءت حركة عمال غزل شبين الكوم ضد البيع ومحاولة فرض شروطهم علي عملية البيع لتدشن مرحلة جديدة من مقاومة الخصخصة ، ومنذ أيام أكمل عمال السيوف الحركة بإضراب ضد البيع ليذكرنا بأمجاد قطاع الغزل والنسيج وقادته العظام فكري الخولي وسيد ندا ومحمد عبد العزيز شعبان وفتح الله محروس.إن رفض الخصخصة ومحاولة فرض شروط للبيع تحافظ علي حقوق العمال خطوة هامة علي طريق المقاومة يجب أن تتبعها خطوات أخري تربط البيع بمصالح الاقتصاد وقدرته علي النمو بجانب مصالح العمال.
ـ لقد كتبت في إبريل عام 2005 مقال بعنوان " هل حان الوقت لنتحرك " حول خصخصة بنوك القطاع العام وجاء فيه " إن خصخصة القطاع المصرفي هو خطوة كبيرة نحو فقدان مصر لسيطرتها على الجهاز المصرفي وفقدان القدرة على تمويل التنمية بغض النظر عن سيطرة القطاع العام أو الخاص. إنها خطوة كبيرة وتحتاج لتجميع الصفوف والتصدي لها.
هل يمكن للمعارضة بكافة فضائلها التي تسعى لبناء مشروع تنمية بديلة للقائمة حالياً أن تتصدي بكافة الوسائل لهذه الخطوة ، لنخرج إلى الشوراع لنعلنها بصراحة " لا لبيع البنوك العامة" " لا لخصخصة الثروة الوطنية ". أما أن الآون لتقييم تجربة الخصخصة قبل استكمال البيع وحساب الأرباح والخسائر.إذا لم نواجه ما يحدث بجدية ونتصدي له فلا يجب أن نلوم بعد ذلك إلا أنفسنا".
مرت هذه الكلمات دون رد فعل حقيقي وتم عرض بنك الإسكندرية وبيعه دون مقاومة حقيقية ولكن الكلام لم يضيع سدي وعندما طرحت عملية بيع بنك القاهرة نضجب المقاومة فوجدنا مظاهرات في البحيرة ثم في القاهرة ومحاولة طرح حلول لمواجهة البيع بما يبشر بانتهاء عرض البيع الصامت ودخول مرحلت مقاومة البيع أو تحسين شروطه.
ـ حاول المهندس يحي حسين التصدي لبيع شركة عمر أفندي ولكن الصفقة مرت في صمت رغم ما صاحبها من ضجيج إعلامي ، ثم تكونت حركة " لا لبيع مصر " كمحاولة لوقف البيع من اجل الحفاظ علي الثروة الوطنية ، وتحركت النخب لوقف البيع ولكن التحركات العمالية وتحركات موظفي بنك القاهرة كانت الأكثر تأثيراً حيث أتضح أنه ما ضاع حق وراءه مطالب .
ـ توجت حركات المقاومة الاجتماعية بمظاهرات العطش في كفر الشيخ والدقهلية وفي العديد من الأحياء لتعلن ميلاد عصر جديد ، كما أن احتجاجات أصحاب مزارع الدواجن وسكان قلعة الكبش توحي بأن المقاومة الاجتماعية قد بدأت ولن تستطيع أي قوي وقفها . وأن وعي الفقراء بمصالحهم أخذ في التبلور والنمو في كافة القطاعات.

لقد دخلنا مرحلة جديدة من تبلور الوعي الاجتماعي بمظاهرات العطش وأهالي قلعة الكبش واعتصامات الفلاحين في سراندوا ودكرنس واضرابات غزل شبين والسيوف وموظفي بنك القاهرة . إن العبور للمستقبل لن يتم بخطابات مبارك الأب ومبارك الأبن ولكنها ستتم بالوعي الطبقي وتبلور حركة المقاومة الاجتماعية ، وإذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.

إلهامي الميرغني
30/7/2007