egyption1

الاثنين، أغسطس ٠٦، ٢٠٠٧

المقاومة الاجتماعية والعبور للمستقبل

المقاومة الاجتماعية والعبور للمستقبل

إذا الشعب يوماً أراد الحياة ، فلا بد أن يستجيب القدر ، هذه الكلمات للشاعر أبو القاسم الشابي هي التي تربينا عليها وتعلمنا معاني المقاومة ، وحاولت جيوش الهزيمة والاستسلام تقول أن هذا مجرد كلام أغاني لا معني له .بالفعل لقد زار السادات القدس دون أن تخرج مظاهرة ترفض ذلك ووقع كامب ديفيد دون مقاومة وبدأ الانفتاح دون أي مقاومة تذكر ، ثم جاء الرئيس مبارك ليبدأ الخطوات التنفيذية دون مقاومة حقيقية باستثناء بعض النخب الثقافية .

لقد نجحت الرأسمالية في تزييف الوعي الاجتماعي والسياسي والطبقي وكان الإعلام والتعليم الميدان الرئيسي لغسيل المخ الذي تم للشعب المصري حتى أصاب اليأس معظم القادة المعارضين وتحللت أحزاب واختفت أخري وبقيت حفنة قليلة مؤمنة بالبعث السياسي والجماهيري رآهم البعض حالمين ورآهم الكثيرين مجانين. حتى ظهرت حركات التغيير مثل 20 مارس وكفاية والحملة الشعبية من اجل التغيير كعلامات هامة علي طريق التغيير السياسي في مصر ورفض التوريث ، ولكن شجرة الحياة مورقة دائماً . فظهرت حركات فئوية مثل مهندسين ضد الحراسة وحركة 9 مارس لاستقلال الجامعات ثم المهندسين الديمقراطيين ومصريون ضد التمييز الديني ، كما نجح الصحفيين المصريين في وقف فانون الصحافة الجائر وتعديله ثم توج ذلك بانتفاضة القضاة حماة العدل من اجل الدفاع عن استقلال القضاء ورفض التبعية للسلطة التنفيذية التي تقيد القضاة.

لقد نهض المارد من رقاده واستيقظت مصر علي رموز جديدة للمقاومة الاجتماعية فلم تعد أخبار ساويرس وأبو الفتوح ودينا وحسام حسن فقط هي التي تتصدر الأخبار بل بدأ الناس يعرفون جورج إسحاق وهاني عنان والمستشارين هشام البسطويسي ومحمود مكي والدكتور أبو الغار والدكتور عبد الجيل مصطفي رموز عصر المقاومة الجديد.

رأي البعض أنها مجرد حركات نخبوية قاهرية بشكل رئيسي رغم محاولات حركة كفاية لنقل الحركة خارج القاهرة والتي كانت محدودة ، ولكن حان الوقت لينجلي الليل الذي دشنه استشهاد نفيسة المراكبي وهي تدافع عن الأرض في سراندو واعتصام فلاحي كمشيش ودكرنس واعتصامهم في الأرض ورفض عودت الأرض لورثة الإقطاعيين بعد أن سددوا ثمنها بالكامل فهي ليست منحة حكومية بل حق مصان.


ثم دشنت الطبقة العاملة المصرية مرحلة جديدة من المقاومة الاجتماعية بدأت مع نهايات عام 2006 وهي مستمرة وتبشر بتصاعد حدتها حيث طفح الكيل ووصل العمال إلي نقطة الصفر فلا يستطيعون تحمل اعتداءات جديدة علي حقوقهم . وتتميز الحركة الاحتجاجية العمالية الأخيرة بعدة مميزات هامة منها:
ـ مرت الخصخصة خلال المراحل الأولي بدون مقاومة حقيقية، بل لقد هرول العمال والقيادات نحو المعاش المبكر الذي أخرج نصف عمال القطاع العام وأكثر من نصف شركاته. وجاءت حركة عمال غزل شبين الكوم ضد البيع ومحاولة فرض شروطهم علي عملية البيع لتدشن مرحلة جديدة من مقاومة الخصخصة ، ومنذ أيام أكمل عمال السيوف الحركة بإضراب ضد البيع ليذكرنا بأمجاد قطاع الغزل والنسيج وقادته العظام فكري الخولي وسيد ندا ومحمد عبد العزيز شعبان وفتح الله محروس.إن رفض الخصخصة ومحاولة فرض شروط للبيع تحافظ علي حقوق العمال خطوة هامة علي طريق المقاومة يجب أن تتبعها خطوات أخري تربط البيع بمصالح الاقتصاد وقدرته علي النمو بجانب مصالح العمال.
ـ لقد كتبت في إبريل عام 2005 مقال بعنوان " هل حان الوقت لنتحرك " حول خصخصة بنوك القطاع العام وجاء فيه " إن خصخصة القطاع المصرفي هو خطوة كبيرة نحو فقدان مصر لسيطرتها على الجهاز المصرفي وفقدان القدرة على تمويل التنمية بغض النظر عن سيطرة القطاع العام أو الخاص. إنها خطوة كبيرة وتحتاج لتجميع الصفوف والتصدي لها.
هل يمكن للمعارضة بكافة فضائلها التي تسعى لبناء مشروع تنمية بديلة للقائمة حالياً أن تتصدي بكافة الوسائل لهذه الخطوة ، لنخرج إلى الشوراع لنعلنها بصراحة " لا لبيع البنوك العامة" " لا لخصخصة الثروة الوطنية ". أما أن الآون لتقييم تجربة الخصخصة قبل استكمال البيع وحساب الأرباح والخسائر.إذا لم نواجه ما يحدث بجدية ونتصدي له فلا يجب أن نلوم بعد ذلك إلا أنفسنا".
مرت هذه الكلمات دون رد فعل حقيقي وتم عرض بنك الإسكندرية وبيعه دون مقاومة حقيقية ولكن الكلام لم يضيع سدي وعندما طرحت عملية بيع بنك القاهرة نضجب المقاومة فوجدنا مظاهرات في البحيرة ثم في القاهرة ومحاولة طرح حلول لمواجهة البيع بما يبشر بانتهاء عرض البيع الصامت ودخول مرحلت مقاومة البيع أو تحسين شروطه.
ـ حاول المهندس يحي حسين التصدي لبيع شركة عمر أفندي ولكن الصفقة مرت في صمت رغم ما صاحبها من ضجيج إعلامي ، ثم تكونت حركة " لا لبيع مصر " كمحاولة لوقف البيع من اجل الحفاظ علي الثروة الوطنية ، وتحركت النخب لوقف البيع ولكن التحركات العمالية وتحركات موظفي بنك القاهرة كانت الأكثر تأثيراً حيث أتضح أنه ما ضاع حق وراءه مطالب .
ـ توجت حركات المقاومة الاجتماعية بمظاهرات العطش في كفر الشيخ والدقهلية وفي العديد من الأحياء لتعلن ميلاد عصر جديد ، كما أن احتجاجات أصحاب مزارع الدواجن وسكان قلعة الكبش توحي بأن المقاومة الاجتماعية قد بدأت ولن تستطيع أي قوي وقفها . وأن وعي الفقراء بمصالحهم أخذ في التبلور والنمو في كافة القطاعات.

لقد دخلنا مرحلة جديدة من تبلور الوعي الاجتماعي بمظاهرات العطش وأهالي قلعة الكبش واعتصامات الفلاحين في سراندوا ودكرنس واضرابات غزل شبين والسيوف وموظفي بنك القاهرة . إن العبور للمستقبل لن يتم بخطابات مبارك الأب ومبارك الأبن ولكنها ستتم بالوعي الطبقي وتبلور حركة المقاومة الاجتماعية ، وإذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.

إلهامي الميرغني
30/7/2007

السبت، أبريل ١٤، ٢٠٠٧

ندعوكم لحملة التصدي لنهب مصر

الزميلات والزملاء الأعزاء
منذ فترة نتحدث عن مخاطر خصخصة التأمين الصحي والتامينات الاجتماعية.
ومنذ فترة تلوح الحكومة بمشروعات قوانين ولا تقدمها لمجلس الشعب.
ومنذ فترة نحاول تنظيم حملات شعبية لمواجهة هذه الهجمة ولم ننجح.
قامت جمعية التنمية الصحية والبيئية بعقد عدة ورش عمل للتحذير من خصخصة الصحة واعدت عدة دراسات وكتبت عشرات المقالات ، ونفس الوضع طبق فى لجنة التأمينات الاجتماعية ولكن ظلت الحركة قاصرة علي بضع أفراد من النخب اليسارية فقط.
غافلتنا الحكومة ونحن مشغولين بحرب لبنان ومررت قانون خصخصة التعليم المعروف بقانون الجودة والاعتماد.
وغافلتنا مرة أخري ونحن نتابع التعديلات الدستورية وخصخصة التأمين الصحي بقرار من رئيس مجلس الوزراء نشر فى الوقائع المصرية فى 12 مارس بتحويل هيئة التأمين الصحي إلي شركة قابضة وهي الخطوة الأولي علي طريق الخصخصة .
كنا ننتظر قانون هيكلة القطاع الصحي ولكن الحكومة شاطت صح فى الزاوية التي لم نتوقعها .
مشكلتنا أننا دائماً نتامل موقف فريقنا ولا نراقب فريق الخصم الطبقي وهو يلعب ننظر للمدرجات ولزملائنا فى الاحتياطي ولا نركز فى كور الفريق المُعادي.
اسمحوا لي ان ابدي اعجابي علي الملئ بالدكتور نظيف وحكومته الذين اثبتوا لنا للمرة المليون انهم لعيبة وحريفة واننا مش لاعيبة واننا إبقاق وبس ( جمع بُق).وإننا بنلعب بلا خطة ونجري فى الملعب ونهرول بلا تهديف ولا تصويب نحو المرمي .
هما مخططين صح وعارفين هدفهم وبيشوطوا صح فى الزاوية التي لا نتوقعها لأننا لعيبة ( سَكة) واي كلام ولا توجد لدينا خطة وتحركاتنا دائما رد فعل وغالباً بعد دخول الهدف لمرمانا.
إن القرار المذكور كارثة بكل معني الكلمة ومصيبة ضخمة تبشر بانتهاء العلاج المجاني في ظل تحمل الأسرة المصرية لأكثر من 20 مليار جنيه تنفق علي الصحة سنوياً بينما تنفق الحكومة 10 مليار وتنتشر امراض الكبد والكلي والسرطان بشكل كارثي بجانب انفلونزا الطيور والحصبة الالماني والدرن .
المشكلة أن أصول التأمين الصحي متراكمة من أموال التأمينات وهي مال خاص ملك المنتفعين وليست مال عام ، نفس الوضع ينطبق علي أموال المعاشات التي تم ضمها لوزارة المالية رغم انها اموال خاصة.
هل نملك القدرة علي التصدي لهذه الهجمة من خلال حملة قومية من الاسكندرية إلي أسوان .؟
هل نملك القدرة علي حشد علي القوي صاحبة المصلحة من اجل الدفاع عن ىخر حصون الفقراء؟
هل نملك القدرة علي ان نكون علي مستوي اللحظة ونواجه خطط الراسمالية بخطط مضادة ؟ هل نملك القدرة علي التخطيط الاستراتيجي العلمي لمواجهة خصخصة الصحة والتامينات؟
إذا كانت لدينا الرغبة فى المشاركة فالفرصة متاحة لعمل معسكر استعداد للمباريات القادمة .
نحن ننتظركم في مركز هشام مبارك للقانون 1 شارع سوق التوفيقية بالقاهرة لاطلاق الحملة الشعبية للدفاع عن الصحة والتامينات يوم الثلاثاء الموافق 17 إبريل 2007 في تمام الساعة السادسة مساءاً
المعركة تخص الجميع
صحة المصريين ليست للبيع
أصول وأموال التأمينات ملك للمؤمن عليهم
نعم لتطوير الخدمات الصحية تحت رقابة المنتفعين
لا لضم أموال التامينات الاجتماعية لوزارة المالية

خبر المصري اليوم
انفراد.. «نظيف» يصدر قراراً بتحويل هيئة التأمين الصحي إلي شركة قابضة كتب طارق أمين وأبوالسعود محمد ١٤/٤/٢٠٠٧
في خطوة قد تثير جدلاً واسعاً، أصدر الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء - وفي سرية تامة - قراراً بتحويل هيئة التأمين الصحي والمستشفيات والعيادات التابعة لها إلي شركة قابضة تتبعها شركات مستقلة تسمي «الشركة المصرية القابضة للرعاية الصحية».
وجاء في قرار رئيس الوزراء الذي حصلت «المصري اليوم» علي نسخة منه - ونشر في الجريدة الرسمية «الوقائع المصرية» بتاريخ ٢١ مارس الماضي - أن غرض الشركة القابضة هو تقديم الرعاية الصحية بجميع أنواعها لمنتفعي التأمين الصحي وغيرهم من المرضي عن طريق الشركات التابعة لها، بالإضافة إلي الخدمات المرتبطة بالرعاية الصحية.
وطبقاً للقرار الذي حمل رقم ٦٢٧ لسنة ٢٠٠٧، تنتقل جميع أصول المستشفيات والعيادات التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحي إلي الشركة القابضة للرعاية الصحية والشركات التابعة لها، كما ينتقل العاملون بجميع مستشفيات التأمين الصحي والوحدات التابعة لها من هيئة التأمين الصحي، إلي الشركة القابضة وشركاتها التابعة،
كما تقوم الشركة القابضة من خلال الشركات التابعة لها باستثمار أصولها، ويكون لها الحق في أن تقوم بالاستثمار بنفسها، وللشركة أيضاً في سبيل تحقيق أغراضها، القيام بالأعمال الآتية: تأسيس شركات مساهمة تابعة بمفردها أو بالاشتراك مع الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو الأفراد، ولها الحق في شراء أسهم شركات مساهمة أو المشاركة في رأس مالها.
كما تقوم بتكوين وإدارة محفظة الأوراق المالية للشركات بما تضمنه من أسهم وصكوك وتمويل وسندات وأي أدوات أو أصول مالية أخري.. ومن الأعمال التي ستقوم بها الشركة أيضاً، إجراء جميع التصرفات التي من شأنها أن تساعد في تحقيق كل أو بعض أغراضها.
وأشار القرار المكون من ١٦ مادة، إلي أن رأسمال الشركة المرخص به، يحدد بصافي القيمة الدفترية لأصول جميع المستشفيات والعيادات التابعة لهيئة التأمين الصحي بعد خصم الالتزامات علي هذه الأصول، علي أن يتم توزيع رأس المال علي أسهم بقيمة اسمية بسعر «عشرة جنيهات»، وتكون مملوكة بالكامل للشركة القابضة.
وجاء في المادة السابعة من القرار: تقوم الشركة القابضة بإنشاء شركات تابعة تخص بما يلي: تقديم الرعاية الصحية لمنتفعي التأمين الصحي طبقاً لشروط تعاقدها مع هيئة التأمين الصحي أو غيرها من جهات التأمين الصحي، وتقديم الرعاية الصحية ذات الجودة العالية للراغبين من المرضي من غير منتفعي التأمين الصحي حالياً.
كما ذكرت المادة الثامنة أنه يتولي إدارة الشركة القابضة مجلس إدارة يصدر بتشكيله قرار من الجمعية العمومية للشركة، بناء علي اقتراح الوزير المختص لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، ويتم تشكيل المجلس طبقاً لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام، ويتكون من رئيس متفرغ وعدد من الأعضاء لا يقل عن سبعة ولا يزيد علي أحد عشر بمن فيهم ممثل للنقابة العامة للعمال.
وطبقاً للمادة العاشرة من القرار: تتكون الجمعية العمومية للشركة برئاسة وزير الصحة والسكان وعدد من الأعضاء، لا يقل عن اثني عشر عضواً ولا يزيد علي أربعة عشر من بينهم ممثل لنقابة العمال،
ويصدر باختيارهم قرار من رئيس الوزراء بناء علي اقتراح من الوزير المختص، ويحضر اجتماعات الجمعية العمومية رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة القابضة ومراقبو الحسابات بالجهاز المركزي للمحاسبات دون أن يكون لهم صوت معدود.
وأشارت المادة الثالثة عشرة إلي أنه تعد أصول الشركة القابضة من الأموال المملوكة للدولة ملكية خاصة، واللافت أن القرار الذي أصدره د. نظيف دون الإعلان عنه، يسري أو يعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره، أي أن هذا القرار سار ومعمول به منذ ٢٢ مارس الماضي.
وأوضحت مصادر مسؤولة لـ«المصري اليوم»، أن توقيت صدور القرار له مغزي، حيث أصدر رئيس الوزراء قراره قبل أيام من الاستفتاء علي التعديلات الدستورية، خصوصاً أن البلد كله كان مشغولاً بهذه التعديلات الدستورية والاستفتاء عليها، والهدف من اختيار التوقيت هو إقرار الأمر بشكل عملي رغم المعارضة والرفض له.
من جانبه، وصف الدكتور عبدالمنعم عبيد أستاذ طب التخدير بجامعة القاهرة، عضو المجالس القومية المتخصصة، قرار نظيف بتحويل مستشفيات التأمين الصحي إلي شركات، بأنه زلزال يهدد مصر، وكارثة قومية بكل المقاييس.
وقال د. عبيد في تعليقه علي القرار المفاجئ: الحكومة باغتت الناس بهذا القرار واختارت توقيتاً معيناً لإصدار قرار خصخصة التأمين الصحي والمستشفيات الحكومية، واصفاً القرار بأنه بمثابة هدم للسد العالي، بل أقسي من كل الضربات التي وجهت إلي التعليم والصناعة وغيرهما، لأنه قرار يهدد صحة الملايين من البسطاء والفقراء في ظروف الفقر المنتشر والبطالة الواسعة والغلاء الفاحش.
وتابع عبيد: في فترة سابقة تم توقيع اتفاق مع الدكتور إسماعيل سلام والدول المانحة برئاسة البنك الدولي سنة ١٩٩٧ لحل هيئة التأمين الصحي وتخليها عن قيامها بالخدمات الصحية، وأن ينشأ باسمها صندوق يسمي صندوق صحة الأسرة يصبح هو التأمين الصحي، ويقوم الصندوق بالتعاقد مع أطباء صحة الأسرة لتقديم خدمات العيادة الخارجية ويتم تحويلهم إلي العيادات التخصصية ثم إلي مستشفيات وزارة الصحة،
وبالتوازي مع ذلك تقوم الهيئة والجهات المانحة «الدولية» بإحلال وتجديد ٢٥٠٠ وحدة صحية في الريف، وأن يقوم الصندوق بجمع الاشتراكات من غير المؤمن عليهم، ويضم إليه جميع عيادات التأمين الصحي،
وأشار د. عبيد إلي أن الحكومة فشلت في تمرير مشروع التأمين الصحي في مجلس الشعب بسبب الاعتراضات الشديدة له، كما رفض الجهاز المركزي للمحاسبات أن تقوم هيئة أخري غير هيئة التأمين الصحي، بجمع الاشتراكات.
ولفت إلي أن رئيس الوزراء د. نظيف أصدر قراره في الخفاء، رغم التمويه الذي قامت به الحكومة بأنها شكلت لجنة لبحث وإعداد قانون جديد للتأمين الصحي، وقامت بالاستعانة بشركة سمسرة دولية هي ماكينزي، وفيها خبراء من باكستان لإعداد الوسيلة لتكوين وإنشاء الشركة القابضة بشكل سري.
وقال عبيد: من الواضح أن القرار يخالف الدستور، وحق المواطنين في الرعاية والعلاج، ويمثل بيعاً حقيقياً لممتلكات هيئة التأمين الصحي التي بناها الشعب المصري بعرقه ودمه طوال أكثر من ٥٠ سنة مضت من أموال التأمينات المحتجزة في وزارة المالية منذ عشرات السنين، وأضاف: إن تحويل مستشفيات وعيادات التأمين الصحي إلي شركات، بداية لخصخصة الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين البسطاء والفقراء، وهي خطوة تنذر بتداعيات اجتماعية خطيرة وتهدد الأمن القومي والسلام الاجتماعي.
ودعا د. عبيد كل القوي الوطنية للتكاتف لمواجهة بيع ممتلكات هيئة التأمين الصحي، تمهيداً لبيع كل ممتلكات ومرافق الصحة في مصر، وترك غالبية الشعب عرضة للأخطار الصحية في سوق علاجية ربحية تجارية لا ترحم.
واعتبر الدكتور محمد حسن خليل استشاري القلب والأوعية الدموية، أن قرار د. نظيف كارثة قومية تهدد الأجيال المقبلة، لأن تحويل المستشفيات العامة إلي شركات، خدمة للقطاع الخاص، خصوصاً أن هذه المستشفيات أو الشركات لن تستطيع المنافسة، وبالتالي سيتم بيعها بأبخس الأثمان مثلما حدث في أصول كثيرة كان آخرها «عمر أفندي».
وأكد الدكتور محمد أبوالغار، أستاذ طب أطفال الأنابيب في مصر، أن قرار د. نظيف خاطئ وخطير، لأنه يحول الخدمة الصحية إلي فكرة تجارية رغم أن المواطن البسيط ظل طوال سنوات عمره يدفع الاشتراكات للتأمين الصحي ومن حقه أن يجد العلاج المعقول.
وأشار الدكتور عبدالجليل مصطفي، أستاذ طب الباطنة بجامعة القاهرة، إلي أن الحكومة تسعي إلي خصخصة الممتلكات العامة في إطار سياسة التخلي عن واجبات الدولة تجاه المواطنين في التعليم والصحة وغيرها،
وقال: القرارات السيئة والخطيرة تتم بصورة مفاجئة ومباغتة للناس، مثل رفع الأسعار أو هدم جامعة الإسكندرية، مضيفاً أن الحكومة تعمل بنفس الفلسفة وهي أن مجموعة من رجال الأعمال تدير البلد لحسابها الخاص وتحويل الخدمات الصحية إلي مشاريع استثمارية تحقق عائداً نقدياً بعيداً عن التنمية والنهوض بالمجتمع وتقدمه
.
كما نشرت جريدة الوقد:
وزير المالية في تصريحات خطيرة بواشنطن: العجز الكبير في الميزانية أحد أعراض الكسادهناك حاجة لتدخل الدولة لإعادة توزيع الدخل بطريقة لا تضر بقوي السوقمشروع قانون جديد يقسم المعاشات إلي 4 أنظمة وإدارتها بالنظام السويدى
أدلي الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية، بتصريحات خطيرة في واشنطن أمس الأول، أكد الوزير في تصريحاته أن هناك حاجة لتدخل الدولة لإعادة توزيع الدخل بطريقة لا تضر بقوي السوق بعد الفجوة الكبيرة الحالية بين دخول الأثرياء والفقراء. واعترف غالى بأزمة عجز الميزانية، وأرجع ذلك إلي حالة الكساد التي عاشتها البلاد طوال 4 سنوات ماضية، انتهت عام ،2004 وكشف عن إعداد مشروع قانون جديد للمعاشات يقسمها إلي 4 فئات تتم إدارتها بواسطة هيئة التأمينات، وطبقاً للنظام السويدى الأشهر في العالم.بدأ وزير المالية تصريحاته مشيراً إلي أن مصر تمضي في عملية إصلاح اقتصادي غير قابلة للارتداد من خلال تفكيك القدر الأكبر من القطاع العام الذي يمثل مصدر سياسة الحماية والافتراس والبيروقراطية وانعدام الكفاءة والخسائر. وقال: إن هناك مؤسسات في القطاع العام لا يمكن تفكيكها ويجب أن تظل تحت الرعاية المباشرة للدولة مثل قطاع الدواء الذي ينبغي أن يظل عدد من مصانعه وأيضاً المصانع الحربية تحت سيطرة الدولة. وقال غالي ـ في لقاء بمركز الحرية العالمية والرخاء التابع لمعهد كاتو بواشنطن ـ أمس الأول: إن الخطوة الثانية من خطوات حماية الإصلاح تتمثل في نشر قوي السوق بإشراك الجميع بقدر الإمكان وغلغلة النشاط الاقتصادي في كافة طبقات ومستويات المجتمع. وأضاف أن الوسيلة الثالثة لمنع الانتكاسة في عملية الإصلاح هي القضاء علي البيروقراطية بتقليص الحاجة للبيروقراطيين علي مراحل مختلفة وليس تحسينها. وأشار إلي أنه يتطلع لعائدات من الخصخصة هذا العام تتراوح بين 15 مليار جنيه مصري إلي 20 مليار جنيه، وهو ما يشكل نحو 3% من إجمالي الدخل المحلى. وأوضح أن هناك مشروع قانون للمعاشات يجري العمل علي وضعه حالياً يقسم المعاشات إلي أربع فئات، أحدها معاش عام يحصل عليه أي مصري يبلغ 65 عاماً، والفئة الثانية هي المشاركة في نظام حساب نظري تقوم فيها خزانة الدولة بجمع الأموال وزيادتها بطرح مزايا تقوم علي نظام مساهمة محدد، ويعنى أن كل فرد لديه حساب ضمان اجتماعي يدفع نسباً من دخله تذهب إلي هذا الحساب الذى يتمتع بعوائد سنوية. والفئة الثالثة هي حساب إجباري ممول بالكامل، حيث توضع الأموال في صندوق منفصل عن الخزانة ويدار حسب معايير المعاشات المعمول بها في صناديق المعاشات بمقتضي نظام دفع محدد يعود أيضاً بفوائد سنوية علي صاحبه، والفئة الرابعة هو نظام معاشات التقاعد الخاص. وتدار كل هذه الأنظمة من قبل هيئة المعاشات بالنظام السويدي الشهير في العالم، مضيفاً: أن هناك صعوبات تواجهها الحكومة في اقناع الناس بهذا النظام، معرباً عن أمله في أن يتم إقرار هذا القانون بحلول العام المقبل. وقال غالي: إن مصر الحديثة دخلت منذ أواخر الثمانينيات العصر الحديث بتفكير عصري وبرؤية تحتضن كل التغييرات التي اعترت الفكر الاقتصادي في أواخر القرن العشرين، مشيراً إلي أن مصر ظلت أسيرة اقتصاد الحرب حتي عام ،1981 حيث أصبح من المهم الاستثمار في تشييد البنية الأساسية التي دمرتها 40 عاماً من الحروب. وقال وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالى: إن مصر أصبح لديها اليوم نظام إصلاحى ذاتي الدفع، حيث حقق الاقتصاد نمواً بنسبة 5.7% فى النصف الأول من العام المالي الأخير، الذى بدأ في أول يوليو، متوقعاً تحقيق معدل نمو قدره 7% خلال الفترة الباقية من هذا العام المالى. وأشار إلي أن هذا النمو لا يأتي من قطاع واحد، بل من زيادة الاستثمارات المحلية وزيادة الاستهلاك والصادرات وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي ارتفعت من 452 مليون دولار منذ نحو أربع سنوات إلي 1.7 مليار دولار، بعد أن بدأ المستثمر يشعر بالاطمئنان والأمان في مصر. وقال: إن هناك زخماً سياسياً حدث أيضاً في هذه الفترة بالتوازى مع قوة الدفع التي اكتسبها الاقتصاد، مشيراً إلي أن ميزان المدفوعات ينمو بنسبة تتراوح بين 30 - 40 في المائة إذ زادت الصادرات غير البترولية في النصف الأول من هذا العام المالي بمقدار 40%، كما أن هناك فائضاً في الحساب الجاري، مضيفاً: أننا نأمل في أن يكون لدينا عجز في الحساب الجاري، حينما تبلغ نسبة النمو في الاقتصاد بين 8 و9%. وأضاف: أننا حتي الآن غير قادرين علي الدفع بالاقتصاد بأسرع من هذا، لاستيعاب هذا الفائض في الحساب الجارى، مشيراً إلي أن هناك فائضاً أيضاً في ميزان المدفوعات، ولدينا احتياطي متراكم من النقد الأجنبي يتراوح ما بين 32 و34 مليار دولار، بينما لم يكن يتجاوز السبعة مليارات منذ أربعة أعوام. وأضاف الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية: أن سعر الصرف مستقر حالياً، وأن 22% من الأوراق المالية الحكومية الصادرة أسبوعياً مملوكة من قبل أجانب، مضيفاً أنه تم إصدار أول سند حكومي مصري مقيم بالجنيه المصري في البورصات الدولية، وأن نتائج عمليات المسح التي أجريت في هذا الشأن أشارت إلي أنه سيكون هناك اهتمام كبير بهذا السند. وأوضح أن الميزانية الوطنية مازالت متأثرة ببقايا أعراض الكساد الذى استمر أربعة أو خمسة أعوام حتى 2004. وأن العجز الكبير في الميزانية هو أحد هذه الأعراض، مشيراً إلي أن نسبة الدين اليوم تشكل نحو 6% من إجمالي الناتج العام. وتوقع غالي أن يتراجع هذا العجز في الميزانية لما بين 5.5 إلي 5% هذا العام، بعد الحصول علي قيمة الرخصة الثالثة من شبكة المحمول، التي تم بيعها مقابل 3 مليارات دولار. كما توقع غالي الاستمرار في العام المقبل علي هذا المعدل من العجز، بل وزيادته إلى نحو 5.6% نزولاً من 10% منذ ثلاث سنوات، حيث ستكون التغييرات الهيكلية التي تم تأسيسها في الاقتصاد قد بدأت تؤتي ثمارها. وقال: إننا خفضنا ضريبة الدخل من 42% إلي 20%، وتم تبسيط العلاقة وتغييرها بين الخزانة ودافع الضرائب، مشيراً إلي أنه تم تبسيط نظام الجمارك وتخفيض متوسط الضريبة من 9.14% في سبتمبر 2004 إلي 9.6% حالياً فيما نتوقع تخفيضاً آخر في هذه الضريبة خلال الشهور القادمة. كما يجري إصلاح الدعم الممنوح للطاقة والمعاشات. وأضاف أن هناك عدة مبادئ تحكم السياسة الاقتصادية في مصر اليوم أولها معالجة التناقضات في الاقتصاد، والثاني أن يكون ما نفعله ذا فوائد محلية، وثالثاً الحرص علي عنصر الاستمرارية. وقال الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية: إن هناك ثلاثة عناصر تحكم الإصلاح الاقتصادي أولها الحفاظ علي النظام، ليس فقط بمعناه السياسي والأمني، بل بمعناه الاقتصادي الأشمل، حيث تتوفر الآلية لتسوية النزاعات وتطبيق العقود وتسجيل الملكيات، مشيراً إلي أن الأخيرة كانت تستغل علي مدي السنوات الأربعين الماضية كوسيلة لجمع الضرائب، حيث بلغت مصاريف التسجيل نحو 12% من قيمة الممتلكات وكانت النتيجة هي التهرب من التسجيل وتفشي النزاعات المعقدة في إثبات الملكية. وأضاف: أن مصروفات تسجيل الملكية تم تخفيضها إلي 2000 جنيه (250 دولاراً تقريباً) وأن وضوح الميزانية الذي ترجم إلي وضوح في التشريع الضريبي يندرج ضمن هذا النظام. وأوضح أن العنصر الثاني الذي يحكم الإصلاحات هو إنهاء التصور الشائع عن الدولة علي أنها وحش مفترس ينقض علي دخول الأفراد بالضرائب. وأشار إلي أنه يجري العمل علي تحقيق نوع من التوازن بين دولة قوية تضمن فرض النظام والحفاظ عليه والشفافية وفي نفس الوقت دولة ليست بالقوة التي تمتلك فيها الحق المطلق في الافتراس الضريبي للمواطن مضيفاً أن طريقة معالجة البيروقراطية هي شكل آخر من أشكال القضاء علي نظام افتراس المواطن. وقال إن العنصر الثالث من عناصر الإصلاح يتعلق بالكفاءة والقدرة علي التكيف مع الظروف، مشيراً إلي أن التحدي الرابع الذي يدفع عملية الإصلاح هو توزيع الدخل إذ إن اقتصاداً ينطلق في نموه من 3% منذ ثلاث أو أربع سنوات إلي أكثر من 7% كفيل بزيادة الفوارق في الدخل، مشيراً إلي اتساع الهوة بين الأثرياء والفقراء. وقال: إن السبب في اتساع هذه الهوة هو أن دخول الأثرياء تنمو بوتيرة أسرع كثيراً من نمو دخول الفقراء مما يجعل الفئة الأخيرة تبدو فقيرة نسبياً مضيفاً أن هناك حاجة للتدخل من قبل الدولة لإعادة توزيع الدخل بطريقة لا تضر بقوي السوق التي يعود لها الفضل في هذا النمو، وفي نفس الوقت تسببت في إساءة توزيع الدخل، مضيفاً اننا نحتاج لمن يفهم قوي السوق ويفهم التدخل والتفاعل بين الاثنين. وقال الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية: إن دائرة الإصلاح ضيقة وأغلب الناس لا تؤيد الإصلاح ليس لأنهم ضد الانفتاح والتحرر، ولكن ببساطة لأنهم لا يقبلون حالة انعدام اليقين. من ناحية أخري، قال غالي إن اقتصاد السوق يساعد في تكريس النظام الديمقراطي وأن أهم انتخابات في أي نظام ديمقراطي ناشئ ليست الأولي لكنها الانتخابات الثانية حيث يكون قد أصبح لدي الدولة المؤسسات التي تحفظ استمرار العملية وانتقال السلطة بشكل سلمي. وأقر غالي بأن ارتفاع معدلات الفائدة علي الإقراض تمثل عقبة أمام النشاط الاقتصادي، مشيراً إلي أن جزءاً من الإصلاحات التي تم تكريسها لها آثار تضخمية وعندما يحد من الدعم علي مصادر الطاقة أو علي البنزين بنسبة 44% فمن المتوقع ارتفاع معدلات التضخم. وأضاف: أن الاقتصاديين المعتدلين سيقولون عندما تزيد معدلات التضخم يجب شد الحزام ورفع معدلات الفائدة، وتوقع تراجع في نسبة التضخم بحلول منتصف الصيف. ودافع غالي عن كونه وزيراً للمالية وفي نفس الوقت عضواً بالبرلمان، مشيراً إلي أن هذا لا يجور علي مبدأ الفصل بين السلطات، إذ إن مهمته في البرلمان هي التشريع وفي نفس الوقت ممارسة الرقابة علي الحكومة، نافياً أي تضارب في المصالح. وأوضح أن هذا يسمح له بنافذة مباشرة علي الحكومة، نافياً أي تضارب في المصالح. وأوضح أن هذا يسمح له بنافذة مباشرة علي المواطنين، خاصة أنه يمثل دائرة أغلبها من الفقراء ويتيح له وجوده بالبرلمان تقديم ما تيسر من الرعاية وتذليل العقبات التي تواجههم في حياتهم اليومية قدر استطاعته.



الخميس، أبريل ١٢، ٢٠٠٧

حصار حرية التنظيم النقابي

حصار حرية التنظيم النقابي

منذ جاء عسكر 23 يوليو 1952 إلي الحكم وهم يتحسبون من التحركات العمالية الأمر الذي دفعهم لإعدام خميس والبقري قبل مرور شهر علي حركة الجيش ، فرغم أنهم لم يصدروا حكماً بالإعدام بحق الملك المخلوع أو بحق رموز العهد الفاسد كما سموه . إلا أنهم نفذوا ذلك بحق عمال كانت لهم مطالب مشروعة.وظلت العسر يفكرون في طريقة للتعامل مع الحركة العمالية حتى جاءت أزمة مارس 1954 وكانت عسكرة الحركة النقابية والعمالية وحصار حرية التنظيم النقابي.لذلك سنحاول التعرض لتطور حصار حرية التنظيم النقابي .

التشريع.. التنظيم.. التقييد
كانت الحركة النقابية والعمالية تتمتع بحرية كبيرة في الحركة قبل صدور التشريعات العمالية وعاشت العصر الذهبي لبناء وتطور الوعي النقابي العمالي. ولقد سعت الحركة النقابية إلي انتزاع شرعية قانونية بإصدار تشريع لتنظيم النقابات العمالية ولكن ما حدث هو أن التنظيم والتشريع حمل معه القيود والتضييق!!!!
توج نضال الحركة النقابية بصدور قانون النقابات رقم 85 لسنة 1942 ولكن بدلاً من اكتساب المزيد من الشرعية من خلال الاعتراف بالعمل النقابي بدأ التضييق الحكومي وحصار النقابات من خلال:
· إخضاع النشاط النقابي للسلطة الإدارية.
· الإلزام بالحصول علي الترخيص المسبق من الحكومة.
· تخويل الحكومة سلطة مطلقة في حل النقابات إدارياً.
· حرمان عمال الزراعة ونحو عشرة فئات أخري من حق التنظيم النقابي.
· حظر تشكيل اتحاد عام للعمال.

لقد تدخل القانون في إجراءات تشكيل النقابة وتحديد مجال عضويتها وصاغ لها أسلوب عقد جمعيتها العمومية وانتخاب مجلس إداراتها، وسلط عليها سيف الرقابة الممثل في مصلحة العمل ومفتشيها. وامتلكت وزارة الشئون الاجتماعية سلطة توقيع عقوبة الحل الإداري في حالة المخالفة وهو اعتداء واضح وصريح على حق الجمعية العمومية في ذلك باعتبارها صاحبة المصلحة الأصيلة في استمرار أو انتهاء النقابة، وقد كانت هذه أولى الضربات الموجهة لحرية التنظيم النقابي وجمعياته العمومية.
لقد نشطت الحركة النقابية على مدي أكثر من نصف قرن دون أن يكون هناك قانون للنقابات ومع صدور القانون بدأت القيود وبدأت حقبة جديدة في تاريخ الحركة النقابية والعمالية في مصر. وتباطؤ تسجيل النقابات لدي مصلحة العمل. وحاول بعض القادة النقابيين الالتفاف على القانون الجديد من خلال تشكيل رابطة نقابات مدينة القاهرة، ومؤتمر نقابات عمال الشركات والمؤسسات الأهلية، في محاولة لبلورة وحدة الحركة النقابية في مواجهة التفتيت الذي جاء به قانون حكومة الوفد.

وضعت حكومة يوليو الطبقة العاملة نصب عينيها مع استشارات الإخوان وفي ديسمبر 1952 أصدرت الحكومة ثلاث تشريعات عمالية ضمنها القانون رقم 319 لسنة 1952 بشان النقابات العمالية والذي اعترف لأول مرة بقيام اتحاد عام لنقابات عمال مصر. وسعي القانون الجديد في نفس الوقت لتفتيت وحدة الطبقة العاملة من خلال تكوين نقابات للعمال ونقابات للموظفين داخل نفس المنشأة، وإنشاء أكثر من نقابة في فروع الشركة مما دعم تفتيت الوحدة العمالية، وابتدع إجبارية الاشتراكات النقابية تثبيتاً للشمولية النقابية حسب تعبير عم عطية الصيرفي.

عند مطلع الخمسينات كان قد تم تسجيل 491 نقابة تضم في عضويتها أكثر من 149 ألف عامل. ومع تكوين أول اتحاد عام للعمال عام 1957 أصبح عدد النقابات 1.294 نقابة تضم 311 ألف عامل.

ابتدعت سلطة يوليو بدعة جديدة بمقتضي القرار الجمهوري رقم 8 لسنة 1958 والذي اشترط عضوية حزب الحكومة الأوحد (الاتحاد القومي ثم الاتحاد الاشتراكي بعد ذلك) للترشيح في أي منظمة نقابية. بل لقد اشترط الحصول على شهادة قيد في الاتحاد الاشتراكي كشرط للترشيح، وهو ما يضمن ألا يتم ترشيح سوي العملاء والمرضي عنهم من الإدارة والأمن.

تمشياً مع رغبة ضباط المباحث العامة لإحكام السيطرة على الحركة العمالية وتأبيد التفتيت وإنهاء الوجود الحقيقي للنقابات العملية المصنعية مصدر المقاومة الحقيقية للاستغلال الرأسمالي تم تعديل قانون النقابات العمالية وصدور قانون جديد هو القانون 91 لسنة 1959 وهو قانون العمل الموحد والذي تضمن جزء خاص بالنقابات العمالية. وقد نصت المادة (162) من القانون علي أنه "لا يجوز تكوين أكثر من نقابة عامة واحدة لعمال ومستخدمي المهنة أو الصناعة الواحدة" ويصدر قرار من وزير الشئون الاجتماعية- الذي كانت تتبعه النقابات قبل استحداث وزارة العمل- بتحديد المهن والصناعات المتماثلة أو المرتبطة ببعضها والتي تشترك في إنتاج واحد.

الفكرة العبقرية الاستبدادية التي توصلت لها المباحث العامة وهي فكرة استبدال النقابات القاعدية في المصانع والمنشآت بالنقابات العامة، فكرة تعتمد علي المنظور الأمني ففي عام 1959 كان يوجد حوالي 1.400 نقابة، لكل نقابة مجلس إدارة من عشرة أعضاء على الأقل، أي أن الحكومة لكي تسيطر على هذه الحركة تحتاج إلي 14 ألف عميل تابعين لها وهي مشكلة لكنها استبدلتها بحوالي 59 نقابة صناعية عامة في البداية مما يجعل السيطرة عليها بواسطة عملاء الحكومة والأجهزة الأمنية أسهل بكثير، كما أن عقد جمعيات عمومية سنوية ووجود مئات المقرات للجان النقابية يحتاج إلى استنزاف طاقات المخبرين وجهاز الأمن لكن استبدال هذه النقابات بنقابات عامة فوقية أمر سهل فتوفير 59 عميل أسهل كثيراً من توفير جيش جرار من الآلاف العملاء لإحكام السيطرة على الحركة النقابية، ثم اختزال هذه النقابات في سكرتارية ضيقة، واختيار ممثل لكل نقابة عامة في الاتحاد العام بما يضمن وجود مصفاة دقيقة لا يتسرب منها سوي العملاء الضالعين في العمالة لصالح الرأسمالية الحاكمة سواء البيروقراطية المتشحة ببعض الإصلاحات الاجتماعية أو رأسمالية الانفتاح والتبعية في المراحل التالية. بذلك دخلت الحركة النقابية المصرية بصدور القانون رقم 91 مرحلة من العسكرة لازالت مستمرة حتى الآن "بنيان نقابي فوقي معزول ومجموعة من عملاء الأجهزة يدعون تمثيل العمال".

ثم أعقب ذلك صدور القانون رقم 62 لسنة 1964 بإدماج عدد النقابات العامة إلي 27 نقابة عامة، وسمح لعمال الزراعة بتشكيل نقابات لهم وكذلك عمال الحكومة ولكن بعد إحكام السيطرة الكاملة على الحركة النقابية والعمالية. وجاء احمد فهيم كرئيس لاتحاد العمال في ظل القانون الجديد. خلال هذه المرحلة ارتفع عدد اللجان النقابية إلي 5.622 لجنة نقابية تضم أكثر من مليون عامل ولكن في ظل غياب الفاعلية النقابية.

لقد ظلت الحركة النقابية بدون إجراء انتخابات للنقابات العمالية منذ عام 1964 وحتى عام 1972 مما ساعد على نشر الفساد الفاحش بين النقابيين الصفر.ولقد وصف عمنا عطية الصيرفي ذلك الوضع في كتابه الهام (عسكرة الحياة العمالية والنقابية في مصر) حين قال"بعد ظهور الارستقراطية العمالية المصرية التي لم يكن لديها أدمغة وفكر بل لديها كروش ونزوات مما جعل قيمها هابطة وأعرافها متدنية حيث الحشيش وتعاطيه ونهب الأموال النقابية والعمالة للإدارة والتبعية للمباحث وحيث التزلف والكيد والبحث عن المصالح الأنانية والخاصة. كل هذه الأمراض السلبية أصبحت لصيقة بالنقابيين الرسميين الأمر الذي أضطر السلطة المصرية إلي محاولة تطهيرهم بتأدية فريضة الحج المجانية التي يتم إشهارها سلطوياً بتنظيم موكب فخم كان يسمي موكب النور".

لقد ظلت الحركة النقابية والعمالية منذ نهاية الخمسينات وحتى نهاية الستينات تعاني الحصار والاعتقال والعزل السياسي، وللأسف نفتقد لوجود أدبيات تؤرخ لهذه المرحلة الهامة من تاريخنا الوطني. لكن بعد النكسة ومع محاكمة قادة سلاح الطيران وتحميلهم مسئولية النكسة خرج العمال والطلبة إلي الشوارع مرة أخري ليذكرونا بحركة الطلبة والعمال سنة 1946، مطالبين بمحاكمة المسئولين الحقيقيين عن هزيمة 1967 وتعبئة الاقتصاد الوطني من اجل المواجهة القادمة. وتمت محاولات التصحيح في بيان 30 مارس ثم مات احمد فهيم عام 1969 وجاء بدلاً منه عبد اللطيف بلطيه على رأس الاتحاد العام وقبل أن ينتهي العام 1970 رحل الرئيس عبد الناصر وجاء الرئيس السادات لتدخل مصر ومعها الحركة النقابية مرحلة جديدة رغم استمرار السادات في العمل بالقانون رقم 62 لمدة ست سنوات من حكمه.

ثم توالت التحركات العمالية وارتفعت وتيرة الإضرابات العمالية في مطلع السبعينات في مصانع الكوك والحديد والصلب في حلوان وفى الإسكندرية والمحلة الكبرى وشبرا الخيمة، وتكونت لجان المندوبين العماليين للعنابر والأقسام كمحاولة لإعادة الحياة في التنظيم النقابي من خلال انتخاب مندوبين عن كل عنبر إنتاج أو قسم بحسب عدد العمال ويعقد المندوبين مؤتمر سنوي كحلقة وصل بين الجمعية العمومية المفتقدة لنقابات المصانع والمنشآت وبين اللجان النقابية وكانت هناك تجارب مضيئة في مصانع الكوك والنقل الخفيف وعمال النسيج في الإسكندرية.

لذلك شعر السادات بالخطر بعد مظاهرات عمال حلوان في يناير 1975 ومظاهرات عمال المحلة في مارس 1975، لذلك عهد إلي الأجهزة الأمنية بدراسة أوضاع الحركة العمالية وصياغة قانون جديد للنقابات العمالية يزيد من القبضة الأمينة والسيطرة البوليسية على الحركة العمالية. فجاء القانون رقم 35 لسنة 1976 ليمثل حلقة جديدة من حلقات المزيد من عسكرة الحركة النقابية العمالية رغم كل شعارات الديمقراطية الزائفة التي كان يرفعها الرئيس السادات.

لقد وصف عم عطية ذلك بقوله "بسبب هذا الجو غير الديمقراطي تلاشت الحريات النقابية ومضمونها الاجتماعي. وكان ذلك بمثابة هدف الأهداف في مواصلة تخريب العلاقات الجديدة. حيث صفيت النقابات العمالية من أشرف قادتها ومن خيرة مناضليها. وصفيت أيضاً من طبعتها الطبقية والديمقراطية. بمعنى أنها لم تعد تنظيمات طبقية خالصة هدفها الدفاع عن العمال بسبب التحريف غير العلمي الذي قدمته لجنة المائة لمؤتمر القوي الوطنية. وقد تمت هذه التصفية برسملة ـ برجزة ـ النقابات العمالية لكي يتوقف نشاطها الثوري عموماً وينتهي دورها الفعال في العمل الوطني".

القانون 35 لسنة 1976
يشكل القانون 35 لسنة 1976 الخاص بتنظيم النقابات العمالية خلاصة الخبرة الأمنية لأكثر من 42 سنة (1954ـ 1976) ولذلك يتمسك به الرئيس مبارك ولم يسعى لتغيره كما فعل مع العديد من التشريعات الأخرى، ولكن هذا القانون يمثل خلاصة الخبرات الأمنية ووسيلة هامة لإفراغ الحركة النقابية من مضمونها وتحويلها إلي تابع لمكتب العمال بالحزب الوطني الذي يقوده طعيمة 2007. كما أن التعديلات التي أدخلت علي القانون في عامي 1981 و1995 أجهزت علي أي آمال أو أوهام في تحرير هذا البنيان القائم وأي إمكانية للحديث عن الشخصية الاعتبارية لنقابات المصانع والمنشآت وتحول عمال كافة المصانع إلي أعضاء في النقابات العامة مما طمس معالم الحرية النقابية وزاد من حصار حرية العمل النقابي.

وإذا تأملنا نصوص القانون 35 لسنة 1976 ووضع البنيان النقابي في ظل هذا القانون نجد الآتي:
r أصبحت العضوية إجبارية وليست اختيارية فمجرد تعيين الشخص في جهة ما بالحكومة أو قطاع الأعمال العام يصبح عضو بالنقابة العامة ويتم خصم الاشتراك منه بغض النظر عن رغبته في ذلك من عدمها، وهو ما حول العضوية النقابية إلي عضوية شكلية صورية غير فاعلة. وفي بعض المهن يضطر العامل لعضوية النقابة من أجل استخراج رخصة القيادة أو جواز السفر أو الاشتراك في التأمينات الاجتماعية كما يحدث مع نقابة عمال النقل البري ونقابة العاملين بالبناء والأخشاب والزراعة ذات العضويات الضخمة والعديمة الفاعلية .
r أصبح العامل عضو في النقابة العامة وليس في نقابة المصنع أو المنشأة وبالتالي انتهت فعليا مهمة النقابات القاعدية، حيث أنها لا تمارس أي دور في المفاوضة الجماعية أو الدفاع عن الحقوق العمالية. بل أن العامل عندما يفصل من نقابة المنشأة يصدر القرار من النقابة العامة.
r يسدد العامل الاشتراك الشهري للنقابة العامة التي تقتطع جزء لها وجزء للاتحاد العام والجزء الأصغر للجنة النقابية صاحبة الاشتراكات التي لا تجد الأموال الكافية لتغطية أنشطتها النقابية.
r تم إلغاء الجمعية العمومية القاعدية. كانت النقابات في الماضي تعقد اجتماع الجمعية العمومية في قاعة مسرح أو سينما أو مكان يتسع لحضور جميع الأعضاء أما الآن فقد اقتصر الأمر على التصويت فقط بحضور ممثل وزارة القوي العاملة .
r تم اختصار مهام نقابة المصنع والمنشأة في النقابة العامة، وبالتالي أصبح البنيان النقابي هرم مقلوب بدون قاعدة وذلك حتى يتمكن الأمن من السيطرة على النقابات العامة وحركتها.
r تم سلب اللجان النقابية سلطة وضع النظام الأساسي واللوائح المالية والمقرات النقابية خارج مكان العمل والتي كانت مراكز إشعاع ثقافي واجتماعي للعمال في العهود الماضية.
r حرمت العمالة المؤقتة من عضوية المنظمات النقابية رغم انتشار هذا الشكل من علاقات العمل وهو ما يحرم الآلاف من العمال من عضوية اللجان النقابية.
r حرمان العاطلين عن العمل من عضوية المنظمات النقابية رغم أن تاريخ الحركة النقابية في مصر والعالم كان من أهدافه الرئيسية الدفاع عن العمال العاطلين.

كما قامت الحكومة من خلال التعديلات علي القانون بمزيد من التشدد والإفساد حيث مدت الدورة النقابية من 4 سنوات إلي 5 سنوات بما يؤدي لركود الحركة النقابية، وأجازت لممثل صاحب العمل أن يتقدم للترشيح ممثلاً للعمال، كما سمحت للمحالين إلي المعاش الاستمرار في تولي المواقع القيادية. كما أجازت لأعضاء النقابات العامة والاتحاد العام التقدم مباشرة للترشيح لهذه المستويات مباشرة دون خوض انتخابات في نقابة قاعدية وحتى تجنبهم التعرض الحقيقي لرأي واختيار العمال. كما استمرت في تقييد حق الإضراب وجعله في يد النقابة العامة وليس نقابة المنشأة والاستمرار في إلغاء الشخصية الاعتبارية لنقابة المنشأة القاعدة الحقيقية الفاعلة لأي تنظيم نقابي.هذه هي أبرز البنود التي حولت الحركة النقابية العمالية إلي كيان هش عديم الفاعلية.

المزيد من القيود علي حرية التنظيم النقابي
لم تكتفي الحكومة بالقيود الواردة في قانون النقابات العمالية بل راحت تبتدع قيود إضافية للحد من وصول الشرفاء والمخلصين لعضوية التنظيم النقابي.

لقد ابتدع نظام أنور السادات سلطة "المدعي الاشتراكي"، وأعطى له حق شطب المرشحين للنقابات، وقد قامت قيادة الاتحاد العام لنقابات العمال- بخلاف مجالس إدارات النقابات المهنية- بعرض أسماء المرشحين لمجالس إدارات اللجان النقابية في دورة 1979/1983 وتم شطب 54 مرشح كان أغلبهم من القيادات العمالية الثورية، وعرضها في دورة 1983/1987 وتم شطب 14 مرشحا كان أغلبهم أيضا من القيادات العمالية الثورية، ثم عاود عرض أسماء المرشحين لدورة 1987/1991 وتم شطب 5 من القيادات العمالية الثورية.

عندما تم إلغاء قانون المدعي الاشتراكي ، وبدأ من دورة 1991/1996 نجحت كل القيادات العمالية الثورية التي ترشحت لعضوية مجالس إدارات اللجان النقابية، مما جعل السلطة تستحدث فكرة التزوير المباشر والشطب الإداري في الدورات التالية وحتى الآن.

صدر قرار وزير القوي العاملة رقم 144 لسنة 2001 حيث عاد الأمن ليجدد لعبته القديمة ولكن بدلاً من شهادة عضوية الاتحاد الاشتراكي أصبح ضمن أوراق الترشيح مطلوب شهادة قيد في النقابة العامة. وكان العمال الراغبين في الترشيح يتوجهون لمقار النقابات العامة للحصول على الشهادة فيجدونها مغلقة أو الموظف غير موجود أو ختم النقابة العامة في حجرة مفتاحها غير موجود وهكذا حتى ينتهي وقت الترشيح بينما يكون النقابيين الصفر والعملاء والأتباع قد حصلوا على هذه الشهادات في وقت مبكر بما يتيح لهم تقديم أوراقهم كاملة ويحول دون الترشيح للعمال الشرفاء واستمر نفس الوضع في الدورة النقابية الأخيرة 2006/2011.

كما استخدمت الأجهزة الأمنية سلاح الشطب ضد المرشحين لاستبعادهم والتأثير علي الحرية النقابية رغم الإقبال غير المسبوق علي الترشيح حيث تم شطب أكثر من 30 ألف عضو استعاد بعضهم ترشيح نفسه بحكم قضائي ولم ينجح البعض في اجتياز هذه العقبة خلال الدورة الأخيرة ، كما حالت شهادات العضوية دون ترشيح الآف العمال مما يخل بشروط كافة اتفاقيات الحريات النقابية التي وقعت عليها مصر.

لذلك يناضل العمال الشرفاء من اجل إعادة بث الحياة في هذا البنيان الخرب من خلال:
· حرية إنشاء نقابات مستقلة دون ترخيص سابق، وإقرار مبدأ التعددية النقابية، وحق الانضمام الطوعي للنقابة أو الانسحاب منها.
· تحريم تدخل الدولة في شئون وأعمال النقابات أو في وضع لوائحها، وإلغاء قانون النقابات، وتحريم اضطهاد العمال خاصة فصلهم أو نقلهم بسبب أنشطتهم النقابية.
· استعادة نقابة المصنع لكامل شخصيتها الاعتبارية، فيكون لها حق التقاضي والتملك باسم العمال والمفاوضة الجماعية وإبرام عقود العمل المشتركة ، وتقرير الإضرابات، وإصدار المطبوعات، على أن تكون الجمعية العمومية للنقابة هي صاحبة الولاية عليها.
· تعميم نظام المندوبين النقابيين عن طريق الانتخاب من عمال العنابر والورش (مندوب عن كل 30-50 عامل) وذلك لتوسيع قاعدة القيادة النقابية وربط كل عامل بنقابته وتفعيل وتنشيط النقابات.
· إنشاء مقار نقابية داخل وخارج المصنع أو المنشأة.
· ضمان حرية ونزاهة الانتخابات النقابية العمالية وإخضاعها للأشراف القضائي الكامل الذي يشمل تلقي طلبات الترشيح وإعلان كشوف المرشحين وعمليات الاقتراع والفرز وإعلان النتائج.
· عدم أجراء الانتخابات العمالية داخل مكان العمل.

هذه هي مطالب العمال التي جاءت ضمن البرنامج الانتخابي المقترح من اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية لدورة 2006 ـ 2011.وهي محاولة لاستعادة الحرية النقابية المفقودة وبناء نقابات حرة وديمقراطية ومستقلة.

إلهامي الميرغني
13/4/2007

الاثنين، أبريل ٠٩، ٢٠٠٧

عمال النسيج فى العراق يواجهون الاستغلال المزدوج


عمال قطاع النسيج العراقي .. تظاهرات واعتصامات لانتزاع حقوقهم المشروعة

شهد الاسبوع الماضي تحركاً واسعاً لعمال ومنتسبي قطاع النسيج الصوفي والقطني العام في العديد من المعامل والمنشأت الصناعية في بغداد والمحافظات من اجل الدفاع عن حقوقهم المشروعة والتي لم يتم منحها لهم بسبب سياسات النظام السابق والاحتلال ، وعرضت هذه المنشأت الى الدمار والخراب والافلاس نتيجة السياسة الخاطئة لوزارتي الصناعة والمالية ، وعدم تخصيص المبالغ اللازمة في ميزانية عام 2007 لاعادة اعمار هذه المنشأت التي لو اعيد لها الحياة لكانت الدعامة الاساسية لاقتصاد العراق .. لكن ( اللو ) هذه تتعامل معها هاتين الوزارتين بكل سلبية وتجاهل لنداءات العاملين ، لا بل حتى نداءات اصحاب الاختصاص من صناعيين واقتصاديين . ففي يوم الاثنين 2 / نيسان / 2007 انطلقت تظاهرة لعمال ومنتسبي معمل المنسوجات الصوفية في مدينة الناصرية طالب فيها المتظاهرون تحسين اوضاعهم المعاشية والغاء نظام التمويل الذاتي للشركة الذي اوجده بريمر ( الحاكم المدني للاحتلال ) ، وشمول المعمل بخطط اعمار المحافظة والوزارة ، واعادة احتساب رواتب العاملين المفصولين سياسياً الذين اعيدوا الى الخدمة بعد سقوط النظام وأسوة بأقرانهم بدوائر الدولة . فيما تظاهر يوم الثلاثاء 3 / نيسان / 2007 منتسبو مصنعي نسيج الكوت والحياكة التابعين لوزارة الصناعة محتجين على تدني رواتبهم ، ومطالبين الحكومة المركزية بدعم مصنعيهم . وتجمع المتظاهرون ، الذين قدر عددهم بنحو ألفي عامل ومنتسب ، في ساحة كبيرة عند مدخل المصنع .. بعد ان اوقفوا المكائن ، وهددوا بتعطيل العمل كلياً ما لم تنظر الحكومة المركزية في تحقيق مطالبهم . وتظاهر عمال ومنتسبي معمل النسيج في الحلة يوم الثلاثاء 3 / نيسان مساندين عمال قطاع النسيج في محافظتي الناصرية والكوت مؤكدين ان معاناتهم مشتركة وانهم محرمون من حقوقهم المشروعة وبشكل خاص انه لا تزال رواتبهم تعتمد المنح ، وهي على فئتين : مائة الف .. ومائتي الف دينار، بغض النظر عن الشهادة وسنوات الخدمة . اضافة الى عدم تقديم الدعم للمعامل ومنحهم القروض الميسرة لأغراض منح الراتب وديمومة الانتاج . و في بغداد اعتصم صباح يوم الاحد 8 / نيسان عمال ومنتسبي المعامل التابعة للشركة العامة للصناعات الصوفية وهي : معمل اول ايار ، معمل الفتح ، معمل الحرية ، معمل الغزول لانتاج الكاربت ، معمل السجاد الميكانيكي ، معمل غسيل الاصواف ، معمل تصنيع الادوات الاحتياطية . اكد العاملين وجميع المنتسبين انهم يعانون من نفس المشاكل ، وتم مشاهدة العديد من الاقسام المحترقة والمهملة والعاطلة من قبل اجهزة الاعلام التي شاركت في تغطية الاعتصام لكونها لا يعاد النظر فيها ولم يتم تحريك اي ساكن لاعادة الحياة اليها ، وهم يستعدون خلال الايام القريبة القادمة القيام بالتظاهرات والاعتصامات من اجل مساندة زملائهم في معامل المحافظات في مطاليبهم المشروعة اذا لم تستجب وزارتي الصناعة والمالية الى مطاليبهم والتي تتلخص بالامور التالية: 1- الغاء نظام ( التمويل الذاتي ) وشمولنا بنظام الرواتب المركزي المتبع في جميع مؤسسات الدولة بما فيها مقر ديوان وزارة الصناعة ، وشمولنا بالزيادات التي اقرتها وزارة المالية . 2- تقديم الدعم الكامل لاعادة تأهيل المعامل والمؤسسات الانتاجية وتطويرها نحو الافضل. 3- توفير الحماية الامنية الكافية للمؤسسات وللعاملين فيها بعد ان فقدنا العديد منهم بين شهيد وجريح . 4- توفير الحماية الكافية للانتاج الوطني ( العام والخاص )وايقاف سياسة الاستيراد العشوائي للبضائع . 5- اعادة تأهيل معاملنا يلغي طروحات الخصخصة للقطاع النسيجي العام ذو الربحية العالية والذي يعتبر ثروة وطنية وعنصر اساسي للاقتصاد الوطني وبعيداً عن ضغوطات وتدخلات المؤسسات المالية الدولية وبشكل خاص ( صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ) . 6- الزام مؤسسات الدولة كافة بشراء منتجاتنا الوطنية المختلفة لانها ذات نوعية جيدة ورخيصة الثمن بدلاً من الاستيراد غير المبرر وبعيداً عن حالات الفساد المالي . 7- الغاء كافة قرارات النظام الدكتاتوري السابق بمنع قيام التنظيم النقابي في القطاع العام وخاصة القرار الجائر ( 150 ) لسنة 1987 لانه حق مشروع اقره دستورنا الدائم الذي صوتنا عليه بدمائنا وكذلك التزام حكومي للمعايير الدولية للعمل ، ولانه الضمان في الدفاع عن حقوق ومكتسبات عمالنا ومنتسبينا ودعامة في بناء العراق الديمقراطي الجديد .واكد عمال ومنتسبي هذه المعامل التي تضم ستة معامل رئيسية لأنتاج مختلف انواع النسيج الصوفي في بغداد وخمسة معامل في خمسة محافظات يعمل فيها ما لا يقل عن اثنى عشرة الاف عامل ومنتسب .. يعيلون عوائلهم في هذه الظروف الصعبة والمعقدة التي يعيشها وطننا وشعبنا . ان معاملنا التي نضحنا عرقاً في سبيل بناء صناعتها الوطنية واستمرارها ونزفنا دماً لحمايتها من اعمال النهب والسلب والارهاب ، هي اليوم بأمس الحاجة الى اعادة تأهيلها كونها تمثل عموداً اساسياً في الصناعة الوطنية عبر ارثها الطويل . لذا فأن جميع العاملين في هذه المعامل يطالبون جميع الجهات ذات العلاقة بالتدخل لمنحهم حقوقهم المشروعة والمكاسب التي حصلوا عليها عبر تاريخ هذه الصناعة الوطنية والتي لن يتنازلوا عنها او يساوموا عليها كونها تمثل حياتهم وحياة عوائلهم وتبني صناعة وطنية لحاضر بلدنا ومستقبله .

السبت، أبريل ٠٧، ٢٠٠٧

الصحف الامريكية والتعديلات الدستورية

مصر وتكريس الاستبداد
وليام ماكلين



حكم الرئيس المصري حسني مبارك مصر بقبضة فولاذية خلال الستة وعشرين عاما الماضية الآن قرر أن يحول قوانين الطوارىء الى قوانين دائمة من خلال ما اطلق عليه التعديلات الدستورية.

الاستفتاء المخجل الذي جرى الاسبوع الماضي أقر تلك التعديلات التي تحمل في طياتها الكثير من القيود على الحريات المدنية الرئيس مبارك لم يعد بحاجة إلى اجراءات قضائية اضافية من أجل فعل ما يشاء من اعتقالات وتفتيش أو تنصت بل اصبح يملك من السلطات ما يمكنه من فعل أي شيء يريد.
القوانين الجديدة ستضعف من الرقابة على الانتخابات مما سيؤدي الى تقوية سلطات الرئيس وتسهيل نقل السلطة لابنه جمال.
الجهاز القضائي الذي يتمتع باستقلالية نسبية سيوضع على الرف وستتم الاستعانة بدل ذلك بما اطلق عليه «اللجنة العليا» من أجل مراقبة العملية الانتخابية والتصويت وبإمكان مبارك الآن حل البرلمان دون أن يلجأ لتنظيم استفتاء، الأكثر من ذلك أن الاحزاب السياسية القائمة على الدين قد حظرت نهائيا والمقصود بها بالدرجة ا لأولى حركة الإخوان المسلمين أقوى جماعة للمعارضة في مصر.
إننا لا نشجع أي نوع من انواع التطرف ولكن حركة الاخوان لا تدخل ضمن التنظيمات المتطرفة.
لقد أصبحت حركة الاخوان المسلمين قوة لا يستهان بها وانفض الناخبون من حول الاحزاب العلمانية بسبب سهولة السيطرة عليها أصبح بمقدور النظام ان يمنع الناس من التجمع في المساجد ولا يخفى على أحد أن محاولات البطش السابقة بالاخوان المسلمين ادت الى زيادة شعبية الحركة.
من أجل اعطاء الشرعية لهذا الانقلاب الدستوري سارع النظام بطرح التعديلات في استفتاء شعبي بعد اسبوع واحد فقط من اقرارها من قبل البرلمان الذي ناقشها ثم «بصم» عليها.
وأعلنت نتائج الاستفتاء وكانت بطبيعة الحال هي «نعم» وبنسبة 9‚75% وقيل أن نسبة الاقبال على المشاركة كانت 27% في الوقت الذي أكدت أحزاب المعارضة أن النسبة لا تتعدى في أحسن الظروف 5% وذلك بسبب دعوة أحزاب المعارضة للناخبين بمقاطعة الاستفتاء.
وصفت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس التعديلات بأنها «مخيبة للآمال» نفس هذا الوصف يمكن أن يطلق ايضا على انتقاداتها التي جاءت مهادنة للنظام.

إن انقضاض النظام المصري على الحياة الديمقراطية سليحق اضرار بالغة بمصداقية ادارة بوش في الشرق الاوسط.
إن إظهار التسامح تجاه الانظمة الاستبدادية من أجل «الاستقرار» يعني أن الليبرالييين سيستمرون في الخسارة
.

الجمعة، مارس ٣٠، ٢٠٠٧

حديث الدكتورة أمينة الجندي في جريدة الأهرام يؤكد ما تقوله لجنة الدفاع عن اموال التامينات وتكشف أبعاد المؤامرة



في مواجهة من طرف واحد د‏.‏ أمينة الجندي تعترف‏:‏ضم التأمينات لوزارة المالية‏..‏ باطل‏!
اجرت المواجهة : ميـرفـت الحـصري
كان من المفروض أن نجري حوارا المواجهة بين وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي والدكتورة أمينة الجندي وزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية السابقة لما بينهما من خلاف جذري في وجهات النظر حول اموال التأمينات التي تخص أكثر من‏27‏ مليون اسرة يدينون الحكومة بــ‏270‏ مليار جنيه حتي ديسمبر‏2006.‏ولأن هذه الاموال تم استثمارها في مشروعات خدمية لاتدر عائدا ماديا‏,‏ فضلا عن أن المالية تدفع زيادات المعاشات التي تقررها الدولة من اموال التأمينات حتي وصلت‏40‏ مليار جنيه‏..‏ والأخطر من ذلك تم ضم التأمينات باموالها الخاصة إلي وزارة المالية وهي اموال عامة ليصبح الدائن والمدين هيئة واحدة‏.‏لهذا كله آثرنا أن نجري هذه المواجهة مع احد اطرافها وهي الدكتورة أمينة الجندي التي تميزت بالموضوعية والصراحة المطلقة بعد انتظارنا للقاء وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي الذي طلبناه منذ أكثر من شهر ولم يحدد لنا موعدا للقاء حتي الآن‏..‏ فجاءت هذه المواجهة من طرف واحد لكن مضمونها يمس أكثر من طرف وجاء حوارنا معها كالتالي‏:‏ما الدوافع أو الأسباب التي دعت الحكومة الي ضم وزارة التأمينات الاجتماعية الي وزارة المالية حيث أصبح الدائن والمدين جهة واحدة؟حقيقة هذا السؤال لابد أن يوجه الي رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد نظيف بصفة خاصة‏,‏ لأنه هو الذي اتخذ القرار في هذا الشأن‏..‏ولكن هل لديك رؤية أو تصور خاص بأسباب هذا الضم غير المعمول به في معظم دول العالم؟كان رأي رئيس مجلس الوزراء أن يجعل الدعم في جهة واحدة‏,‏ فعمل علي ضم التموين للضمان الاجتماعي تحت تصور أن الشئون الاجتماعية مسئولة علي الضمان الاجتماعي‏..‏ وعمل علي ضم التأمينات الي وزارة المالية‏,‏ علي أمل أن يفك الاشتباكات التي حدثت علي مدي سنوات طويلة بين وزارة المالية ووزارة التأمينات‏..‏ علي اعتبار أن هذا هو أحد الحلول‏!!‏ألا تعتقدين أن هذا الضم خطوة علي طريق الحل؟في تصوري الشخصي أن هذا ليس علي الاطلاق حلا جذريا للمشكلة‏..‏ لأن الشئون الاجتماعية ليست وزارة خدمات اجتماعية ولكنها وزارة مسئولة عن التنمية الاجتماعية وليست وزارة مسئولة لتلقي مساعدات ودعم‏..‏ أما بالنسبة لفض الاشتباك بين وزارة المالية والتأمينات بأن أضع الدائن والمدين في جهة واحدة قد يكون هذا حلا علي المدي القصير ولكنه علي المدي البعيد ليس علي الاطلاق حلا عمليا لفض هذه الاشتباكات‏,‏ وقد أعددت ورقة قبل خروجي من الوزارة أعتقد أنها وثيقة مهمة وقد أطلقت عليها مذكرة‏2005‏ وارسلتها الي جميع الجهات المسئولة وعلي كل المستويات واعتبرت أني خلصت ذمتي بإعداد هذه الوثيقة‏.‏إذن كيف تتكفل وزارة المالية بدفع المعاشات شهريا وهي تعاني عجزا مستمرا مما يلحق الضرر بأموال التأمينات؟حقيقة لا أعتقد أن قرار ضم التأمينات لوزارة المالية قرار صائب‏,‏ فوزارة التأمينات منذ نشأتها قائمة علي أساس جمع الاشتراكات شهريا‏,‏ وبحكم القانون يقوم صندوق التأمين الاجتماعي بتحويل فائض أموال التأمينات وفوائدها ببنك الاستثمار القومي علي اعتبار أن البنك يقوم باستثمار هذه الأموال لصالح المؤمن عليهم‏,‏ وتصبح هذه الأموال أرصدة ومدخرات لسداد التزامات التأمينات مستقبلا‏..‏ ولكن البنك كان يقوم باستثمار هذه الأموال في مشروعات معظمها خدمي مثل مشروعات البنية الأساسية للدولة وهذه لا تدر عائدا ماديا‏,‏ هذا بالاضافة الي أن اسعار الفائدة علي أموال التأمينات كانت تقل كثيرا عن اسعار الفائدة في السوق وظلت بنسبة‏6%‏ الي أكثر من عشر سنوات‏..‏ وكانت هذه أحد أسباب الاشتباكات بين المالية والتأمينات‏..‏وماذا عن الزيادات السنوية للمعاشات التي كانت تقررها الحكومة؟كان يقوم مجلس الشعب بإقرار هذه الزيادات والتي كانت تتراوح مابين‏10%‏ و‏15%,‏ علي أن تتحمل الخزانة العامة للدولة هذه الزيادات وذلك مقابل تخفيض الدعم وارتفاع نسبة التضخم وارتفاع الأسعار‏..‏ ولكن تلك الزيادات لم تكن تسددها وزارة المالية ولكن تقوم بسدادها التأمينات ولا تأخذ فوائد عليها‏,‏ وقد وصلت هذه المبالغ الي أكثر من‏40‏ مليار جنيه‏,‏ وهو دين آخر علي وزارة المالية تجاه التأمينات‏.‏فلاشك أن هذا كله يضاف الي حجم الدين العام وتصبح الموازنة العامة غير متوازنة‏..‏ ولكن كانت هناك نقطة خلافية بين وزارة التأمينات ووزارة المالية بالنسبة للمعاشات الممولة؟نعم النقطة المفصلية والتي كانت خلافية بيننا‏..‏ أنا كنت أصر علي أن الالتزامات التي علي وزارة المالية تجاه نظام المعاشات كله في مصر ليس له علاقة بالمعاشات الممولة وهم العاملون الخاضعون لنظام التأمين الاجتماعي المعمول به حاليا‏..‏ فوزارة المالية وضعت الحسابات كلها علي بعض فتاهت الفروق والالتزامات‏..‏كيف يحدث ذلك وتقارير وزارة المالية تشير الي تحمل الخزانة العامة بما يوازي‏70%‏ من أعباء المعاشات‏!‏؟‏!‏تتحمل الخزانة العامة‏15,7‏ مليار جنيه يخص صناديق التأمين والمعاشات منها‏6,9‏ مليار فقط‏,‏ أما الفارق فيخص التزامات أخري ولا تخص الصناديق‏,‏ منها تمويل المعاشات العسكرية ومعاش السادات‏(‏ قانون‏112)‏ ومعاش الضمان الاجتماعي‏.‏ وبذلك تكون نسبة المساهمة الحقيقية للخزانة العامة في تمويل نظام المعاشات‏45%‏ فقط وليس‏70%‏ كما ورد بتقارير وزارة المالية‏..‏ وبذلك اختلطت الالتزامات تجاه القوانين الممولة والتي تعتبر مالا خاصا للمؤمن عليهم مع الالتزامات الأخري التي تعتبر التزاما أصيلا للخزانة العامة‏..‏ألا ترين أن هناك مخالفة دستورية في ضم أموال التأمينات الي وزارة المالية؟نعم هذا يمثل مخالفة صريحة للدستور‏,‏ لأن المحكمة الدستورية العليا أكدت في العديد من أحكامها‏,‏ أن أموال التأمينات الاجتماعية مال خاص تستثمر لصالح المؤمن عليهم‏..‏ ولكن الزيادات التي تقررت لأصحاب المعاشات تقررت بموجب قانون صدر من مجلس الشعب منذ سنة‏1987.‏صرح وزير المالية أخيرا بأنه جار إعداد النسخة الأولي من مشروع قانون التأمينات والمعاشات قريبا وانه يحتاج الي خمس نسخ حتي يعرض بعدها للنقاش العام‏!!‏ ألديك فكرة عن ملامح مشروع القانون الجديد؟ليس لدي فكرة عن هذا المشروع‏..‏ ولكن عندما كنت في الوزارة أعددنا مشروع قانون موحد للتأمينات حاولنا فيه أن نعالج كثيرا من المشكلات‏,‏ بالاضافة الي زيادة أعباء المعاش المبكر‏..‏ ومحاولة تخفيض نسبة الاشتراكات التي تصل الي‏40%‏ ومصر تعتبر من أعلي المعدلات في العالم‏..‏ وقد استضاف وزير المالية في النصف الأخير من‏2006‏ خبراء من البنك الدولي لاعادة هيكلة نظام التأمينات والمعاشات ولكن هذه الرؤية لم تطرح حتي الآن‏..‏حقيقة مشروع القانون الجديد أثار العديد من التحفظات واعتبره الخبراء أنه يهدم مظلة التأمين الاجتماعي الحالية كما أنه لا يصلح لبلد مثل مصر‏!!‏ ما تعليقكم علي ذلك؟هذا حقيقي‏..‏ لان نظام التأمينات الحالي هو نظام اجتماعي تكافلي‏..‏ لأنه ليس بالضرورة أن آخذ مادفعته‏..‏ ولابد أن نضع هذا في الاعتبار ونحن نعيد النظر في وضع مشروع القانون الجديد وهذا معناه انه ادخار اجباري للناس‏,‏ فلماذا نعمل قانونا للتأمينات‏..‏ ولابد أن نعلم أن نظام الدفع عند الاستحقاق يحول النظام التأميني من نظام استثماري الي نظام مساعدات اجتماعية‏..‏ وأنا لا أتصور أن نقوم بتمويل استثمارات‏27‏ مليون أسرة ستتحول الي نظام مساعدات اجتماعية‏..‏ حقيقة هذا لا يجوز‏..‏ باعتبار أن هذه الأموال خاصة وليست ملكا للدولة‏..‏ عامة هذه وجهات نظر‏..‏ وصاحب القرار لديه حرية الاختيار‏..‏قيل إن عجز الحكومة عن سداد هذه الأموال والتي بلغت‏219‏ مليار جنيه كان مبررا لإنهاء النظام الحالي‏..‏ ألم يكن من الأولي تعديله بما يتماشي مع الوضع الاقتصادي الحالي؟حقيقة لايمكن أن نلغي النظام القديم الحالي تماما سواء ما أنا عملته من مشروع قانون المعاش الموحد أو مشروع القانون الذي يتم صياغته حاليا‏,‏ لابد أن يضع القديم في الاعتبار لأهميته‏,‏ فلابد أن نغير من الأنظمة التأمينية الحالية حتي نواكب التطورات والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت علي الساحة خاصة أن قوانين التأمينات الحالية صدرت منذ‏35‏ عاما‏..‏إذن ما علاقة البنك الدولي بهيكلة نظام المعاشات لدينا؟البنك جاء بناء علي طلب من مصر وكان ذلك في النصف الثاني من عام‏2006,‏ واستعان بهم وزير المالية د‏.‏ يوسف بطرس غالي حتي نقف علي ماهية تجارب الدول الأخري بالنسبة لنظام المعاشات‏..‏ كما أننا خلال السنوات العشر الماضية ومنذ ان تقلدت السفيرة ميرفت التلاوي وزارة التأمينات قمنا بعمل دراسات مهمة لإعداد مشروع قانون المعاشات الموحد‏,‏ واستعنا كذلك ببيوت خبرة دولية‏.‏فلابد أن ينظر عند صياغة مشروع قانون التأمين الجديد علي الدراسات المستفيضة المهمة التي أجريت من قبل‏..‏هل تعتقدين أن لدينا سياسة واضحة لاستثمار أموال التأمينات علي المدي الطويل أو حتي علي المدي القصير؟المشكلة أن هذه الأموال غير موجودة كأرصدة دفترية‏,‏ ولكن معظم هذه الأموال انفقت علي البنية الأساسية للدولة فطالما أننا نتجه نحو الخصخصة والاقتصاد الحر‏,‏ فلابد من فصل الذمة المالية عن الآخر‏..‏ فهذه ليست أموالا حكومية‏..‏ فاستثمار أموال التأمينات لا تحتاج فقط الي خبراء محليين ولكن خبراء دوليين وخبراء اقتصاديين علي أعلي مستوي‏..‏ كان من المفروض أن ينفق جانب منها علي أنشطة استثمارية تدر عائدا لصالح اصحاب المعاشات لزيادة معاشاتهم وارتفاع دخولهم‏.‏حقيقة مستوي المعاشات في مصر متدنية جدا حتي مع الزيادات التي دخلت عليها ولا تتناسب مع أسعار السوق والتضخم الحادث في الأسعار‏..‏ وفي الوقت الذي كنت فيه في الوزارة استطعنا أن نكون مدخرات وأرصدة خارج بنك الاستثمار القومي بقيمة‏10%‏ كما ينص القانون‏,‏ واستثمرنا بعضها في مجال البترول وبعض الشركات والبنوك‏,‏ وهذا سمح لوزارة التأمينات عام‏2005‏ أن تتحمل‏20%‏ زيادة لأصحاب المعاشات خارج نطاق وزارة المالية‏.‏لم نسمع أن من بين اختصاصات وزارة المالية ادارة الاستثمار ولكن اختصاصها اعداد الموازنة وادارة العجز وما الي ذلك‏..‏ كيف ترين هذه المعادلة غير المتوازنة؟‏..‏حقيقة وزير المالية خبير اقتصاد عالمي ويمكن أن تكون لديه رؤية واضحة عن كيفية استثمارها‏..‏اذا كان استثمار باستثمار لماذا لا تدار تلك الأموال عن طريق وزارة الاستثمار بدلا من وزارة المالية؟والله هذا اقتراح وجيه ويمكن أن تكون وزارة الاستثمار طرفا في الموضوع‏,‏ علي اعتبار أنها يمكن أن تفيد أموال التأمينات لصالح المؤمن عليهم وبما لديها من خبرات وخبراء‏..‏ وفكرة أن يشارك فيها عدد من الوزارات تكون مسئولة عن ادارة هذه الأموال بالتشاور‏,‏ أعتقد سيكون هو الحل الأمثل‏..‏ واعتقد أنه يجب ألا تترك في يد واحدة وانه لابد من ادارتها من خلال عدد من الوزارات بجانب البنك المركزي وهذا هو الأفضل‏..‏نري أن أموال التأمينات من أنواع الأموال الحساسة لأنها تمس فئة أصبحت غير قادرة علي الكسب‏,‏ وهناك اتجاه لاستثمار حجزء منها في البورصة‏..‏ ألا تعتقدين أن هناك خطورة حقيقية تكمن في هذا النوع من الاستثمار؟انه لا مانع علي الاطلاق من استثمار بعض أموال التأمينات في البورصة ولكن في أسهم آمنة بعيدة عن المخاطرة ولكن مع توافر شيء من الضمانات‏,‏ ومنها انها تدار من خلال شركات متخصصة تحدد أين تستثمر هذه الأموال في أسهم مضمونة‏.‏حقيقة لدينا بورصة واعدة ونحن محتاجون أن ندعمها حتي ينتعش اقتصاد مصر‏..‏ أؤكد أنه من الضروري أن يكون للتأمينات الحرية في أن تستثمر جزءا كبيرا من أموالها كما يتراءي لها في مجال استثمار آمن ويدر عائدا ماديا لا بأس به‏,‏ ولكن لابد أن يتغير القانون لأنه لا يسمح إلا باستثمار‏10%‏ فقط خارج بنك الاستثمار‏..‏ فهذا مال خاص ويجب أن تكون هناك حرية في استثماره في المكان المناسب‏.‏ولكن كان لدينا تجربة سابقة تسببت في ضياع‏500‏ مليون جنيه من أموال المعاشات فماذا تقولين؟فعلا وضعنا في البورصة ما قيمته‏500‏ مليون جنيه‏,‏ وكانت تمثل أقل من‏1%‏ ولكن وقتها اسعار البورصة هبطت وانخفضت قيمتها ولكن تصاعدت مرة ثانية واستفادت تلك الأموال بهذا الصعود‏,‏ وكان العائد والفائدة مجزية للغاية‏..‏ ولم يحدث خسارة‏.‏اذا نظرنا الي مشروعات البنية الأساسية التي لا تدر عائدا ماديا ثم الفوائد التي لا يتم تسديدها ثم مديونية الحكومة التي بلغت أكثر من‏219‏ مليار جنيه ثم زيادة حالات المعاش المبكر‏..‏ألا تعتقدين أن ذلك كله وأكثر تم علي حساب أموال التأمينات وان هذا يمكن أن يهدد نظام التأمين كله ويعرضه للانهيار؟لاشك أن هذا كله أثر علي أموال التأمينات والمعاشات‏..‏ ولكن الحقيقة أن الحكومة في جميع الاحوال كانت ملتزمة بسداد المعاشات مهما كانت مديونة‏..‏ والمعاش المبكر لاشك أنه أثر علي التأمينات وتحملت جزءا كبيرا منه ولكنها تحت السيطرة‏,‏ حيث زادت أعداد حالات المعاش المبكر بصورة كبيرة وغير محسوبة عام‏2004/2003‏ عن سنة الأساس‏1992/1991‏ عند اتباع سياسة الخصخصة بنسبة‏477%‏ بمتوسط‏25332‏ حالة سنويا‏.‏ولكن برغم كل ذلك نظام التأمين الحالي ليس موضع قلق في الوقت الحالي علي الأقل‏.‏ولكن بصفتك السابقة كوزيرة للتأمينات والشئون الاجتماعية‏..‏ ما هي رؤيتك للخروج من هذه الأزمة؟أولا : لابد أن يخرج القانون بأسرع مايمكن لان القانون يعني تعديل مسار لأننا الآن في مسار غير واضح بالنسبة لنظام التأمينات واصبح خروج القانون ضرورة ملحة لأنه سيعالج ثغرات موجودة ولابد أن يطرح علي الرأي العام والنقابات والهيئات والأحزاب‏.‏ثانيا‏:‏ ان هذا القانون لابد أن يوضح السياسة الاقتصادية للنظام التأميني‏.‏ثالثا‏:‏ لابد أن يوضح أيضا كيفية فك الاشتباكات مع وزارة المالية‏..‏أما رأيي الشخصي للخروج من هذه الأزمة‏,‏ فهو فصل الذمة المالية لصناديق التأمينات والمعاشات عن وزارة المالية وعن بنك الاستثمار القومي أيضا‏.‏وأرجو من وزارة المالية أن تقوم بدراسة المذكرة التي اعتبرها وثيقة مهمة قبل تبني أي توجه بشأن اجراءات فض الاشتباكات المالية بين صناديق التأمينات وبنك الاستثمار والخزانة العامة‏..‏ ومراجعة وجهة نظر التأمينات حول مقترحات التحول نحو نظام الدفع عند الاستحقاق كوسيلة لتخفيض حجم الدين الداخلي‏..‏ اللهم قد بلغت‏..‏هل لك كلمة أخيرة تودين أن تضعيها في نهاية هذا الحوار الصريح جدا؟ ولسان حالك يقول اللهم قد بلغت اللهم فأشهد؟نعم‏..‏ حقيقة أن الرئيس مبارك يؤكد في جميع خطاباته ضرورة مراعاة البعد الاجتماعي للمواطنين ومساندة محدودي الدخل‏..‏ وان اصحاب المعاشات هم من أول الفئات المستهدفة لمساعدتهم وينطبق عليهم محدودي الدخل‏..‏ ثم ان اصحاب المعاشات لديهم احساس أن عندهم مدخرات بلغت أكثر من‏200‏ مليار جنيه ومعاشاتهم متدنية الي هذا الحد يعطي لهم احساسا بعدم الرضا‏..‏ لهذا لابد أن ينظر اليهم من خلال السياسات علي أن يوضع ذلك في الاعتبار وان نربط اهتماماتنا بالسياسة العامة التي يعلنها
الرئيس‏.
جريدة الأهرام 30 مارس 2007

الخميس، مارس ٢٩، ٢٠٠٧



مؤتمر القاهرة الخامس
منتدى القاهرة الاجتماعي الثالث
29 مارس/1 أبريل 2007 – نقابة الصحفيين المصريين
"من أجل بناء تحالف عالمي بين القوى المقاومة للإمبريالية والصهيونية"
المنتدى العمالي


استمرار عدوان الليبرالية المتوحشة
علي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
للكادحين في مصر



إعداد
إلهامي الميرغني

مارس 2007


يعاني الكادحون المصريون علي مدي العقود الماضية من استمرار هجوم قوي الليبرالية الجديدة تنفيذا لتوصيات منظمات العولمة الدولية وضغوط الشركات الدولية النشاط.ولو حاولنا رصد العدوان المستمر علي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للكادحين في مصر سنجد أنها متسعة كما يتضح مما يلي:

1 ـ العدوان علي حقوق الفلاحين المصريين:
تعرض الفلاحون لهجمة كبيرة علي مدي السنوات الماضية كان من أبرز ملامحها:
ـ صدور القانون رقم 96 لسنة 1992 الخاص بالإيجارات الزراعية والذي ضاعف إيجار الأرض الزراعية من سبعة أمثال الضريبة إلي أثنين وعشرين مثل الضريبة مع إعطاء صاحب الأرض حق طرد الفلاح في أي وقت إذا تأخر عن سداد الإيجارات.
ـ قامت ثورة يوليو بتوزيع الأرض الزراعية على المزارعين بعد صدور قوانين الإصلاح الزراعي منذ عام 1952 وحتى عام 1964 ثم تم إصدار قرارات بإلغاء الحراسة عن بعض الإقطاعيين ورد الأرض لورثة الإقطاع وكبار الملاك ومنذ عام 1970 تواطئت الحكومة مع كبار الملاك ورغم سداد فلاحي الإصلاح الزراعي لكامل قيمة الأرض علي مدي أربعين سنة لم يحصلوا علي صكوك الملكية وتم طردهم من الأرض بالقوة في كمشيش وميت شهالة ودكرنس وسراندوا والعديد من القرى المصرية.
ـ توجد عدة مشاكل مرتبطة بمياه الري حيث أن الاتجاه لخصخصة مياه الري يجري علي قدم وساق وسيتكلف الفدان الواحد ‏1.026 ‏ جنيها بخلاف رسم الدمغة وضريبة المبيعات وتكاليف السولار والزيت وعمالة التشغيل ونسبة إهلاك ماكينات الرقع ليصل إجمالي تكلفة الفدان للري فقط‏(1.300‏ جنيه‏)‏ مما يمثل عبئا كبيرا علي المزارع البسيط والمستثمر الكبير في ظل تدني أسعار بيع المنتجات الزراعية‏, ‏ والارتفاع المستمر في تكاليف الإنتاج الزراعي‏(‏ تكاليف الحرث ـ الأسمدة والمخصبات ـ المبيدات ـ العمالة‏)‏ مما ينذر بخراب لأصحاب الأراضي خاصة الملاك والمنتفعين من الخريجين في مناطق مريوط وشمال التحرير وبنجر السكر إذا طالهم غول الخصخصة‏.‏ ( جريدة الأهرام 20 يوليو 2005 ) .
ـ تتزايد مديونية الفلاحين لبنوك التنمية والائتمان الزراعي حتى وصلت إلي أكثر من 5 مليار جنيه.
ـ زيادة العدوان علي الأرض الزراعية حيث أكد تقرير للجنة الإسكان بمجلس الشعب أن 1.2 مليون فدان استقطعها البناء من الأراضي الزراعية منذ عام 1983 وحتى الآن تمثل 20% من مساحة الأراضي القديمة في الوادي والدلتا( جريدة العالم اليوم ـ 10/3 /2005) وتفقد مصر سنويا‏ 60 ‏ألف فدان نتيجة الامتداد‏العمراني ، وطبقا لهذا النزيف فإن أراضي مصر الزراعية سوف تختفي تماما في عام‏ 2075 ( جريدة الأهرام ـ 23/10/ 2003) ورغم ذلك صدرت قرارات جديدة تسمح بالبناء علي الأراضي الزراعية بما يساهم في أهدار الثروة المصرية.
ـ إلغاء الدورة الزراعية وتحرير الأسواق ودخول الشركات الكبرى لمجال الاستثمار الزراعي بما يهدد مصالح أكثر من 90% من الفلاحين ملاك المساحات الصغيرة ، كما أن تحرير الأسواق ساهم في رفع تكلفة الإنتاج الزراعي نتيجة سيطرة الشركات المتعددة الجنسية علي الأسواق الدولية للمستلزمات الزراعية مما رفع من تكلفة الزراعة وطرد ألاف الفلاحين للبطالة في المدن الكبرى.
ـ بعد أن ظل المصريين لسنوات يقدسون نهر النيل والأرض الزراعية مصدر الخير أصبح نهر النيل من أكبر مصادر التلوث وتآكلت الأرض الزراعية وتراجعت مساهمة الزراعة في الناتج القومي بما ينعكس علي مستقبل المصريين لسنوات قادمة ويجعلهم يعتمدون علي الخارج لتأمين غذائهم وكسائهم.كما أدي التوسع في استخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية إلي تدهور جودة الأراضي الزراعية وتلوثها وتلوث المنتجات الزراعية بما ينعكس علي تدهور صحة المصريين.

وصل عدد القتلى بسبب الأرض خلال عام 2006 إلى أكثر من 70 قتيل وإصابة أكثر من 300 فلاح وتم القبض على أكثر من 700 أخرون كما أدت أحداث العنف في الريف المصري خلال عام 2005 إلى مقتل 83 فلاح وإصابة 367 فلاح والقبض على 821 أخرون ( تقارير مركز الأرض ).هكذا يناضل الفلاحون المصريون لمواجهة هجوم الليبرالية الجديدة.

2 ـ حق السكن:
منذ أيام أحترق أكثر من 250 كشك خشبي في أحد أحياء القاهرة الفقيرة حيث يسكنون الأكشاك الخشبية منذ عام 1992 في انتظار مساكن آدمية تليق بهم وهو ما لم يحدث، ومنذ أطلقت الدولة يد القطاع الخاص في الاستثمار العقاري وخصخصة شركات الاسمنت وأصبحت صناعة الحديد والأسمنت تحت سيطرة الاحتكارات الدولية والمحلية الأمر الذي انعكس علي ارتفاع تكلفة السكن الذي أصبح حلم الفقراء ومحدودي الدخل.
فقد أصدرت الحكومة قانون جديد لإيجارات المباني برقم 4 لسنة 1996 والذي فتح باب رفع القيمة الايجارية أمام ملاك العقارات. وبعد مرور أكثر من ثلاثة عقود علي تحرير قطاع العقار وعشر سنوات علي القانون الجديد استمر العدوان علي الأراضي الزراعية لأغراض البناء وأصبحت الشقة‏..‏ حلم البسطاء ( جريدة الأهرام 17/7/2004)، وأصبح لدينا‏ 17مليون شخص يعيشون في‏1.109 منطقة عشوائية في‏20‏ محافظة يحتاجون ‏15‏ مليار جنيه لتطوير العشوائيات ( جريدة الأهرام 27 /5/ 2004 )، إضافة لحرمان ملايين المصريين من المياه النقية والصرف الصحي.

بعد تحويل المياه من هيئة عامة إلي شركات تمهيداً لخصخصتها اشتعلت أسعار المياه و‏‏تضاعف سعر متر المياه من‏12‏ إلي‏23‏ قرشا(مجلة الأهرام الاقتصادي 11/10/2004)، كما اعترفت الحكومة: أن مصر تشرب مياها ملوثة حيث توجد 13 محافظة تجاوزت حدود نسبة التلوث ( جريدة الوفد 25/6/2005).

كما انعكست سياسات الليبرالية الجديدة علي أسعار الكهرباء والهاتف وأصبح المواطن المصري يئن من ارتفاع قيمة فواتير الاستهلاك، وأطلقت يد القطاع الخاص في النظافة فتراكمت القمامة في شوارع المدن وارتفعت نسب التلوث وفشلت الشركات الأجنبية والقيادات المحلية الفاسدة في مواجهة المشكلة.

3 ـ الحق في العمل:
لقد أدت سياسات الليبرالية الجديدة وتوصيات مؤسسات العولمة المتوحشة إلي تراجع الاستثمارات الإنتاجية القادرة على توليد فرص العمل وعدم قدرة القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي على توليد فرص عمل تكفي لاستيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل. مع تزايد أعداد الخريجين وتوقف الدولة عن تعيين الخريجين وتوقف دورها في بناء المشروعات الإنتاجية تفجرت مشكلة البطالة بشكل سافر.

تشكل البطالة إهدار للثروة البشرية لو حسبنا مقدار ما انفق على تعليم هؤلاء العاطلين والذي أصبح استثمار معطل، إضافة إلي إن هؤلاء العاطلين كان من الممكن أن يقدموا إضافات إنتاجية وقيمة مضافة تم إهدارها نتيجة وجودهم في البطالة.وتقدر الحكومة عدد العاطلين بنحو 2.5 مليون عاطل في عام 2005 وفقاً لبحث العمالة بالعينة الذي يعده الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء .

يقدم الأستاذ عبد الفتاح الجبالي مستشار وزير المالية الأسبق تفسير للبطالة ويقول " إن هذه المشكلة هي إحدى الآثار الهامة الناجمة عن سياسة التثبيت الاقتصادي التي طبقتها مصر خلال حقبة التسعينات، وذلك علي الرغم من كونها كانت قائمة قبل تنفيذ هذه السياسة، إلا أن الركود الاقتصادي الذي حدث بسبب هذه السياسة الانكماشية التي طبقت خلال الفترة الماضية قد أدي إلى تعقيد المشكلة وتفاقمها، بحيث أصبحت تمثل قيداً أساسياً على انطلاق المجتمع، في طريق النمو خاصة وان هذه الاستراتيجية قد ركزت بالأساس على القطاع الخاص باعتباره القادر علي تحريك النمو واستيعاب العمالة ومن ثم منحته العديد من الحوافز التشجيعية علي الاستثمار الجيد والجاد.بل وتوقفت الحكومة عن استيعاب العمالة القادمة إلى سوق العمل منذ عام 1982، إلا أن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى عدم قدرة هذا القطاع على الحلول مكان الدولة في استيعاب العمالة نظراً لاعتماده على مشاريع إنتاجية ذات كثافة رأسمالية مرتفعة وهو ما أدي إلي ارتفاع تكلفة التشغيل بصورة لا تتناسب بأي حال من الأحوال مع أوضاع الاقتصاد المصري".

بينما يوجد باحث آخر طرح رقم يصل إلى 6.1 مليون متعطل وهو الأستاذ عبد الخالق فاروق حيث عرض في دراسته حول البطالة للعرض من قوة العمل الجديدة خلال الفترة 82/83 حتى عام 2001/ 2002 وللطلب في كافة القطاعات ووصل للنتيجة التالية:
" المحصلة النهائية أن سوق العمل المصري بكافة مستوياته وأنواعه قد وفر حوالي 6.9 مليون فرصة عمل خلال نفس الفترة تقريباً ومن ثم فإن المقارنة بين ميزان الطلب على العمالة وميزان العرض وبعد استبعاد العاطلون باختيارهم يفيد بأن لدينا مستوي من البطالة الصريحة يتراوح بين 5.5 مليون متعطل ونحو 6.1 مليون في نهاية عقد التسعينات ومطلع الألفية الجديدة وهذا المعدل يتراوح بين 22.5% إلي 27.5% من قوة العمل وإذا أضفنا إليهم البطالة الموسمية الناتجة عن ركود سوق السياحة في البلاد منذ عدة سنوات والذين يقاربون نحو 750 ألف متعطل فإن الصورة تصبح أكثر وضوحاً عن الحجم الحقيقي للمشكلة حيث يزداد معدل البطالة بين 3.7% إلي 4% من حجم قوة العمل في البلاد سنوياً ، خاصة مع غياب أفق حقيقي لحلها وتجاوزها في ظل أزمة ركود اقتصادي استمرت لأكثر من سبع سنوات وتشير كل المؤشرات إلى استمرارها لسنوات أخري قادمة مع استمرار العناصر المغذية لها سواء في بنية الاقتصاد المصري الراهن أو بأثر الركود في الاقتصاد العالمي أو الأوضاع الإقليمية المشحونة بعوامل الخطر والانفجار أو داخلياً عبر استمرار تدفق الخريجين من النظام التعليمي بمستوي 600 ألف خريج سنوياً والزيادة السكانية السنوية وأخيرا بعودة واستقرار مئات الآلاف من المصريين الذين سبق وهاجروا إلي البلاد العربية في مصر "

إذا أضفنا لذلك وجود 450 ألف عامل مؤقت بالحكومة و45 ألف عامل مؤقت بشركات قطاع الأعمال ، إضافة إلي أكثر من 450 ألف عامل خرجوا من القطاع العام بالمعاش المبكر لينضموا لجيش العاطلين فقد تتضح انعكاسات البطالة علي سوق العمل حيث يستغل القطاع الخاص ذلك في طرح فرص عمل بأجور منخفضة ودون أي ضمانات مع حرمان العمالة من التأمين الصحي والاجتماعي ومن يرفض الخضوع لذلك فإن جيش العاطلين قادر علي توفير الآلاف القابلين بشروط عمل سيئة للخروج من صفوف البطالة.
قادت البطالة إلي تأخر سن الزواج وانتشار العنوسة حيث قامت الدنيا ولم تقعد منذ إعلان تقرير إحصائي للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء كشف عن ثلاثة حقائق خطيرة بشأن تزايد نسبة العنوسة بين الشباب المصري، وارتفاع نسبة الطلاق السنوية، وتأخر سن الزواج. وصل عدد المصريين الذين بلغوا سن الخامسة والثلاثين ولم يتزوجوا بعد إلى 8 ملايين و962 ألفًا بينهم 3 ملايين و731 ألفًا من الإناث، والباقي من الذكور، وما أورده التقرير من أن عدد المطلقين والمطلقات بلغ 264 ألف حالة خلال عام واحد.هكذا تساهم البطالة في انتشار ظروف العمل السيئة واستمرار العدوان علي حق العمل نتيجة لسياسات الليبرالية المتوحشة وهو ما ينعكس علي الأوضاع الاجتماعية المصرية وانتشار الجريمة.

4 ـ الحق في الوظيفة الدائمة:
كانت مصر حتى منتصف السبعينات تعتمد علي التوظيف الحكومي في الحكومة وشركات القطاع العام وتوفير ضمانات العمل والرعاية الصحية والاجتماعية وتوفير فرص الترقي ولكن مع تطبيق برامج التثبيت الاقتصادي تغير الوضع حيث صدر قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 الذي حرر سوق العمل من القيود المنظمة وأطلق حرية القطاع الخاص في التشغيل وفق أجور منخفضة وشروط عمل سيئة وضمانات غير موجودة وفي ظل غياب للنقابات العمالية الخاضعة لسيطرة الحكومة وأجهزتها الأمنية.
وبعد أن أصبحت الحكومة هي أكبر مشغل في سوق العمل حيث توظف أكثر من 5.5 مليون موظف في وظائف دائمة و450 ألف في وظائف مؤقتة تسعي لتغيير قانون الوظيفة العامة من خلال مشروع قانون مشوه يسمي قانون الوظيفة العامة وهو قانون خصخصة الوظيفة العامة واهم ما يميزه :
ـ التحول من الاهتمام بالموظف في القانون 47 لسنة 1978 ( قانون العاملين المدنيين بالدولة ) إلي الاهتمام بالوظيفة كتوصيف وعلاقة دون الاهتمام بشاغلها.
ـ إلغاء لجنة شئون الخدمة المدنية التي كانت موجودة في القانون 47 وتهتم بمجمل شئون موظفي الحكومة لكي يتم التعامل مع كل وحدة بشكل مستقل بما يسمح بالمزيد من الاعتداء علي حقوق الموظفين.وتحويل لجان شئون العاملين بالجهات الحكومية إلي لجان الموارد البشرية.
ـ القضاء علي الاستقرار الوظيفي الثابت والذي انتزعه موظفي الحكومة عبر نضالهم الطويل منذ سنوات ماضية والتحول إلي نظام العقود المحددة المدة ( خمس سنوات ) والتي تقضي علي استقرار العامل وأسرته.وتضع العقد سيف مسلط علي رقبته لإطاعة أوامر رؤسائه والا انهي عقده وألقي به هو وأسرته إلي صفوف العاطلين.ورغم الحديث عن استمرار الوضع الحالي للموظفين الحاليين وتطبيق التعاقد علي العاملين الجدد إلا أن هناك عشرات المشاكل التي سيعاني منها العاملين الحاليين ونعرض لها في نقاط أهمها.
ـ إلزام الموظفين الحاليين باستنفاذ رصيد أجازاتهم خلال ثلاث سنوات دون الاهتمام بما يمكن أن يؤدي له ذلك من ارتباك في عمل الكثير من الوزارات والمصالح الحكومية.
ـ يوجد 22 مادة تحيل إلي اللائحة التنفيذية بما يخالف الدستور ويجعل اللائحة هي أصل التشريع وليس القانون.
ـ تجاهل مشروع القانون الحديث عن ساعات العمل بما يضر بمصالح العاملين الحاليين.
ـ ركز القانون علي عقاب ومحاسبة الموظفين وكأنهم مذنبين دائماً بينما ألغي الكثير من سلطات النيابة الإدارية ومجلس الدولة وقرر عدم إحالة القضايا التي يقل الإضرار بالمال العام بها عن 100 ألف جنيه إلي النيابة الإدارية بما يفتح الأبواب لفساد الموظفين.
ـ وضع عقوبة الفصل من الخدمة علي أكثر من مخالفة ليعصف بالاستقرار الوظيفي للموظف العام.
ـ قرر إحالة المنازعات القانونية بين الموظف وجهة عمله إلي القضاء العادي مما يضر بمصالح الموظفين ويطيل فترة التقاضي والتي كان قضاء مجلس الدولة هو المختص بها.
ـ ألغي نظام الترقية بالاختيار وجعل الترقية للوظائف القيادية بعقود محددة المدة بعدها يمكن عودة الموظف ليشغل وظيفة غير إشرافية بما يفتح الباب لبث الفتن والدسائس والمزيد من تعطيل مصالح المواطنين.
ـ ألغي مجموعتى الوظائف الفنية والمكتبية التي يشغلها أكثر من نصف موظفي القطاع الحكومي بما يهدد مصالح ألاف الموظفين الذين ستتم إعادة تسكينهم علي مجموعات ووظائف جديدة بما يؤدي لارتباك أوضاعهم الوظيفية.
ـ لم يتضمن المشروع جدول الأجور والذي اعتبره وزير التنمية الإدارية في حديثه لجريدة الأهالي يوم 10 يناير 2007 بأنها جداول لا تقدم ولا تأخر مما يوضح إن الإضرار بأجور الموظفين قضية لازالت يجري طبخها ولم تنتهي بعد.
ـ أحال القانون في شان الأجازات إلي قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 بما يعنى تخفيض الأجازة العارضة يوم لتصبح 6 أيام سنوياً ، وحرمان الموظفين فوق سن الخمسين من 15 يوم إجازة لتصبح شهر بدل 45 يوم ، حرمان الموظفات من الحصول علي أجازة الوضع ألا مرتين وحرمانها من إجازة رعاية الطفل .
ـ فتح الباب أمام الخروج للمعاش المبكر بما يمكن أن يكمل انهيار نظام المعاشات المرتبط بالقانون رقم 79 لسنة 1975 .
ـ التغاضي التام عن كل ما يتعلق بالرعاية الصحية والاجتماعية للموظف العام.

لقد رفض قضاة مجلس الدولة والنيابة الإدارية واتحاد العمال الحكومي مشروع القانون وأعادوه لوزارة التنمية الإدارية لتعديله .هكذا يجري الإعداد لتوقيت الوظيفة العامة والعصف بآخر مواقع الاستقرار الوظيفي لتصبح جميع الوظائف مؤقتة مما يخل بمصالح ملايين الأسر .

5 ـ الحق في الأجور العادلة:
يعاني هيكل الأجور المصري من خلل كبير حيث لا يزال الحد الأدنى للأجور ثابت عند 40 جنيه شهرياً أي 6.5 دولار ، ورغم نص قانون العمل الموحد علي تشكيل مجلس أعلي للأجور والأسعار وصدور قرار بتشكيل المجلس لم يجتمع المجلس علي مدي السنوات الماضية ولم يتم تحديد الحد الأدنى للأجور ولازالت معدلات التضخم ترتفع دون زيادة تقابلها في الأجور ، وهناك مئات الشركات يعاني عمالها من عدم زيادة أجورهم السنوية وحرمانهم من العلاوة الدورية لسنوات متوالية بينما تتزايد معدلات التضخم بما يعني انخفاض الأجور الحقيقية للملايين من العاملين بأجر.
كما لا تزال الفجوة بين الحد الأدنى والحد الأعلى للأجور تقدر بالمئات في ظل فوضي سوق العمل بل وداخل القطاع الواحد ، حتى القطاع الحكومي لم يسلم من هذه الفروق بين هيئات حكومية داخل الوزارة الواحدة.
وأصبح هناك عرف سائد لتغطية فجوة الأجور والأسعار من خلال توابع الأجور من حوافز ومكافآت وجهود غير عادية وأجور إضافية وبدلات بحيث أصبح للعامل أجرين أحدهما يسمي الأجر الأساسي والآخر هو الأجر الشامل للمزايا والبدلات وتختلف نسبة الأجر الأساسي للشامل بين وزارة وأخري وبين شركة وأخري بما يعكس فوضي السوق الرأسمالي المعولم.
أصبحت الأجور المتغيرة تشكل النسبة الأكبر من إجمالي الأجر وهي تشمل المكافآت والبدلات وتمثل 92.1% من الأجور الأساسية وتختلف بين قطاع وآخر فهي تصل إلي 140.4% في القطاع الحكومي ، 189% في الهيئات العامة الخدمية ولا تتجاوز 58.1% في الإدارة المحلية .كما قامت الحكومة بخفض العلاوة السنوية لأصحاب المعاشات من 10% إلي 7.5% وبما يعني تخفيض المعاشات بنسبة 4.7% حيث أعلن وزير المالية أن معدل التضخم 12.2%.
ـ رغم ارتفاع متوسط الأجر الأسمى للعامل من 520 جنيه شهريا عام 2001/2002 إلي 617.4 جنيه شهرياًَ عام 2004/2005 فإن الأجور الحقيقية أي قدرة الجنيه أجر علي شراء السلع والخدمات قد انخفض من 520 جنيه شهرياً إلي 489.9 جنيه شهرياً خلال نفس الفترة .
ـ العامل الذي كان مرتبه 520 جنيه منذ 4 سنوات وارتفع إلي 617.4 جنيه في 2004/2005 أصبح أجره الحقيقي 489.9 جنيه وبذلك حدث انخفاض في الأجر يشعر به الجميع ويعتبرون أن المرتب بيتبخر زى البنزين أو أن الفلوس قلة بركتها ولكن الحقيقة أن الأجور الحقيقية انخفضت نتيجة إطلاق قوي السوق بلا ضوابط بما يؤدي لمزيد من تدهور معيشة محدودي الدخل من أصحاب الأجور.
ـ أدي تطبيق برامج التثبيت الهيكلي إلي المزيد من الخلل في توزيع الدخل حيث انخفض نصيب الأجور من الناتج المحلي الإجمالي من 31.1% عام 2001 / 2002 إلي 28.2% عام 2004 / 2005 بينما ارتفعت حقوق عوائد التملك الأخرى من 68.9% إلي 71.8% خلال نفس الفترة بما يعكس انحياز هذه السياسات الواضح لصالح الرأسمالية وعلي حساب محدودي الدخل.
كما تعكس بيانات الدعم والاستهلاكي وجود تحسن حقيقي في استهلاك الأفراد بما يعكس وصول الدعم لمستحقيه ومساهمته في تخفيف حدة الفقر ، بينما أضافت الحكومة فرق السعر العالمي للبترول لاعتمادات الدعم مما أدي لتضخمها بشكل غير حقيقي حتى تتخذ الحجج للعودة مرة أخري للترويج لفكرة الدعم النقدي والذي يمثل كارثة يلتهمها التضخم.
تداعب الحكومة بعض الفئات من خلال التلويح بأنظمة أجور لكل فئة أو ما يسمي بالكادر الخاص سواء للمعلمين أو للأطباء وهو ما يشكل خطوة نحو المزيد من تفتيت حركة الطبقة العاملة وتحويلها إلي حركات فئوية ضعيفة . ويعكس الوضع الحالي وجود 829 ألف من موظفي الحكومة يعملون بكادرات خاصة يمثلون 45.7% من موظفي الحكومة بينما يوجد 105 ألف من موظفي الهيئات العامة يمثلون 19.8% من موظفي الهيئات يخضعون لكادرات خاصة ، ولكن لا يتجاوز عدد العاملين بكادرات خاصة في المحليات 786 موظف من بين أكثر من ثلاثة ملايين يعملون بالمحليات. (جريدة المصري اليوم ـ 12/2/ 2007 )

لقد كان جوهر الحركة الاحتجاجية خلال السنوات الأخيرة الاعتداء علي الأجور وتوابعها سواء اجر القطعة أو النصيب من الأرباح أو الحوافز من مصنع أبو السباع بالمحلة إلي سائقي القطارات وعلي امتداد مصر وبما يعكس الأهمية المحورية لقضية الأجور والأسعار . لقد عكست التحركات الأخيرة أن أجر القطعة في العديد من الصناعات والمرافق مثل السكك الحديدية لم تتغير منذ الستينات ويحتاج للتغيير لمواكبة التغيرات التي حدثت في الأسعار ، كما أن المقابل النقدي للوجبة الغذائية لم يطرأ عليه تغيير منذ سنوات فمن غير المنطقي أن تتحمل الطبقة العاملة وحدها تكلفة تحرير الأسواق لتتحول نتائجها إلي المزيد من الأرباح لصالح الحلف الرأسمالي الحاكم وسلطة رجال الأعمال بينما يسقط العمال تحت خط الفقر المترتب علي هذه السياسات.

لقد حذر الأستاذ محمد فريد خميس رئيس اتحاد الصناعات الأسبق ورئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشورى " من أن هناك فروقاً كبيرة بين مستوي المعيشة والأجور والأسعار لأن الدخول حالياً " كلام فاضي " وأوضح أنه قام بإجراء دراسة لأحدي شركاته أثبتت أن العامل يحتاج زيادة في مرتبه20% ليصل لمستوي معيشي يلائم الأسعار السائدة في السوق " . هكذا عبر فريد خميس بصراحة عن جانب من القضية بينما لو تمت دراسة وتقييم الأجور علي مستوي القطاع الخاص ككل لأمكن معرفة حجم المأساة. (جريدة المصري اليوم ـ 27/1/ 2007)

أكد خبراء الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية أن سوء توزيع الدخل يقلل من الشعور بزيادة النمو و وقال د. محمود عبد الحي مدير معهد التخطيط السابق، خلال مناقشة أول تقرير للمعهد عن «الاقتصاد المصري.. الفرص والتحديات»، إنه لا يمكن لأي سياسة اقتصادية في مصر أن تنجح مادامت أجور الموظفين الأساسية لا تشكل إلا ٢٥% من دخلهم، كاشفاً أنه دعا المسئولين إلي أن تبدأ المرتبات من ٧٥٠ إلي1.000 جنيه، كرقم واحد، لكنه ووجه باعتراضات أهمها الخوف من زيادة عبء التأمينات الاجتماعية (جريدة المصري اليوم ـ ٢/٢/ ٢٠٠٧).

6 ـ الحق في الضمان الاجتماعي :
يعد الضمان الاجتماعي حق من حقوق الإنسان . ويوجد في مصر نظامين للضمان الاجتماعي الأول بدون سداد اشتراك ويخص الفئات الفقيرة التي ليس لها دخل أو عائد ، فالأشخاص الذين يقل دخلهم اليومي عن 1دولار ( 5.7 جنيه يوميا أي 174 جنيه شهرياً ) هم فقراء ويقدر عددهم بنحو 2.1 مليون شخص وقد ارتفع عددهم بحوالى 205 ألف شخص تدهورت دخولهم خلال الفترة الماضية. وبالنسبة لمن يقل دخلهم اليومي عن 2 دولار ( 11.6 جنيه يومياً أي 348 جنيه شهرياً ) فيقدر عددهم بنحو 35.8 مليون شخص وأنه خلال الفترة الماضية تدهورت أوضاع 7.8 مليون انخفضت دخولهم الحقيقة إلى مستوى أقل من 2 دولار يومياً.
كما يوجد تفاوت كبير في توزيع الدخل بين الطبقات حيث أوضح تقرير التنمية البشرية أن أغني 20% من السكان يحصلون على 43.6% من الدخل القومي بينما أفقر 20% لا يتحصلون سوي على 8.6% من الدخل القومي بما يعكس التفاوت الطبقي وسوء توزيع الدخل وتركز الثروات وانتشار الإنفاق الترفي في مواجهة انتشار الفقر.
تقدم الدولة للفقير الذي ليس له عائد معاش شهري يقدر بحوالي 70 جنيه ( 12 دولار شهرياً ) ورغم ارتفاع أعداد الفقراء الذي يقدر بالملايين فقد أنخفض عدد الحاصلين علي معاش الضمان الاجتماعي من 842 ألف مستفيد عام 1995/ 1996 إلي 453 ألف مستفيد عام 2003 / 2004 وبما يعكس حرمان ملايين الفقراء من هذه الإعانة الضعيفة وبما يخالف كافة مواثيق حقوق الإنسان.

تتعمد الحكومة الخلط بين مختلف الأنظمة التأمينية التي يسدد المنتفعين عنها اشتراكات شهرية ومنذ عام 1981 تلزم الحكومة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية بتحويل فائض أمولها إلي بنك الاستثمار القومي حتى وصل الفائض المتراكم إلي 230 مليار جنيه في عام 2005. كما كانت الحكومة تدفع فائدة 4% و6% في الوقت الذي كان فيه سعر الفائدة يتراوح ما بين 16% و 18% بما يعني أن أصحاب المعاشات كانوا يدفعون ضريبة للحكومة تتمثل بالفرق بين سعر الفائدة علي أموال التأمينات وسعر الفائدة الحقيقي في السوق ورغم ذلك تراكمت الفوائد حتى بلغت 40 مليار جنيه في عام 2005.
إن نظام التأمين الاجتماعي في مصر يغطي 18.5 مليون مؤمن عليه و7.5 مليون صاحب معاش ومستفيد ولكي تستولي الحكومة علي أموال المعاشات والفوائد التي تزيد علي 270مليار جنيه أكثر من 47 مليار دولار تم إلغاء وزارة التخطيط التي يتبعها بنك الاستثمار القومي الدائن الرئيسي بأموال المعاشات ، ثم إلغاء وزارة التأمينات وضم الهيئة القومية للتأمينات إلي وزارة المالية لتصبح الدائن والمدين في نفس الوقت.وقد صرح وزير المالية بأنه سيتم منح التأمينات صك بقيمة الفوائد ولن يدفع قيمة أصل الدين ( 240 مليار جنيه ) التي استولت عليها الحكومة بل سيدفع الفوائد ، بينما كان المطلوب تحرير سندات بقيمة أصل الدين لصالح الهيئة.
وتعد الحكومة للمزيد من الاعتداء علي الحقوق التأمينية من خلال مشروع قانون جديد يتم إعداده حالياً سيحول نظم التأمينات المصري إلي شركات التأمين الخاص المحلية والدولية بما يهدر أموال التأمينات ومستقبل الأجيال القادمة التي ستفتقد للرعاية الاجتماعية في ظل سيطرة الرأسمالية المتوحشة.

7 ـ العدوان علي حق التعليم:
تمثل عدوان الرأسمالية المتوحشة علي الحق في التعليم من خلال تدهور مستوي التعليم وإطلاق يد القطاع الخاص في التعليم قبل الجامعي من خلال 1.418 مدرسة تمثل حوالي 10% من مدارس التعليم الابتدائي عام 2004 / 2005 ، 12% من مدارس التعليم الإعدادي من خلال 1.011 مدرسة ، و 26% من المدارس الثانوية من خلال 574 مدرسة ثانوية خاصة.
رغم ذلك أصدرت الحكومة القانون رقم 82 لسنة 2006 بشأن ضمان الجودة والاعتماد الذي يقنن لخصخصة التعليم قبل الجامعي ويعطي القطاع الخاص إمكانية تأجير المباني الحكومية لإدارتها ، إضافة إلي عقد اتفاق مع القطاع لخاص لبناء 300 مدرسة بنظام ( ( PPP (جريدة الوفد 13/ 2 / 2007) إضافة إلي وجود أكثر من نظام تعليمي الأمر الذي جعل الدكتور محمد غنيم رائد زراعة الكلي يصف التعليم الخاص في مصر بأنه كارثة ( المصري اليوم 16/ 3 / 2007 ) وهناك عشرات الدراسات والمقالات التي ترفض خصخصة التعليم .
كما تم التوسع في إنشاء الجامعات الخاصة الأمر الذي وصفة الأستاذ الدكتور كمال نجيب بأنه خصخصة للتعليم الجامعي تنفيذا لتوصيات البنك الدولي ( جريدة الأهالي 31 / 1 / 2007 ) ويتواصل العدوان علي حق التعليم تنفيذا لتوصيات منظمات العولمة وتحويل التعليم إلي سلعة تخضع لقوانين السوق وتحرم أبناء الطبقات الفقيرة من الحق في التعليم ومن ثم الحق في العمل.

تتحمل الأسرة المصرية 20% من دخلها للإنفاق علي الدروس الخصوصية الذي يتجاوز 15 مليار جنيه سنوياً ورغم ذلك تدهور مستوي الخريجين جاء ذلك وفق دراسة أعدها مركز معلومات مجلس الوزراء عام 2005 ( جريدة الأهرام 16/ 11 / 2005 ) ، كما تسعي الحكومة لإصدار كادر خاص للمعلمين في محاولة لمواجهة تردي مستوي التعليم ولكنها لن تجدي لأنها تعالج المشكلة وفق رؤية جزئية وليس وفق خطة واضحة لتطوير التعليم بجميع مكوناته.

يري الأستاذ الدكتور حامد عمار شيخ أساتذة التربية في مصر " أنه لم تعد أزمة التعليم في إطار الاقتصاد الحر وتآكل مسئوليات الدولة مجرد وجود مدارس خاصة أو مدارس أجنبية هنا وهناك ، أو جامعة أو جامعتين خاصة أو أجنبية مع ضمان صلابة المنظومة التعليمية الرسمية . إنما غدت المشكلة وجود أربع منظومات تعليمية يكاد أن يكون لكل منها كيان متماسك . ومما يؤسف له أن تكون المنظومة الرسمية أقلها تماسكاً وكفاءة . ويجسد مثل هذا التسيب والتخلخل في البنية التعليمية وفي تكيف مؤسساتها مع سياقات التحول التائهة في دروب حرية الاستثمار وحرية السوق الطليق، أحد المخاطر المقلقة علي تماسك الكيان المجتمعي والثقافي ، وعلي قيم المواطنة والانتماء الذي أصبح انتماءً إلي هوية السوق وما تحققه من مصالح فئوية خاصة ، متجاوزة الصالح العام في كثير من الحالات . يضاف إلي ذلك ما يتهدد التعليم ودوره المجتمعي من توجهات التدخل الأجنبي في إصلاح التعليم كجزء من مشروع الشرق الأوسط الكبير وصندوق موارده من أجل نشر الديمقراطية ومكافحة الإرهاب.وهذه مسألة بالغة الخطورة تستلزم التنبه والمواجهة .

وفي مثل هذا السياق المجتمعي التائه في هويته ، مما لا ينسحب عليها مفهوم «الفوضى الخلاقة» تتم إصلاحات التعليم باسم الحداثة وتعلم اللغات العالمية والرقمية وتكوين المواطن السوقي . لذلك نلحظ الاهتمام والتركيز في المستوي الجامعي خاصة في معظم المؤسسات الخاصة والأجنبية علي تعليم مواد التجارة والمحاسبة والإدارة وإدارة الأعمال والحاسوب ونظم المعلومات والاقتصاد وغيرها من المقررات المهيأة للعمل مع الاستثمارات الأجنبية أو للهجرة إلي ديارها. ومن المعروف أن كل تحديث فني أو حاسوبي في الجسم التعليمي القائم وهياكله وأساليبه لا يعتبر تنمية بل إنه تغريب يتجه نحو الغرب طموحاً وثقافة، في حين أن كل تنمية أساسية تعتبر تحديثاً ، وتأصيلاً حين تستند إلي الوعي الناقد لفهم الواقع وتحريكه نحو الحيوية واستدامة النماء.وفي معظم المؤسسات الخاصة والأجنبية يقل الاهتمام أو ينعدم بالعلوم الاجتماعية والإنسانية ، إذ لا حاجة للسوق بمثل هذه الأمور النظرية ، مع أهميتها البالغة في الفهم الناقد للسياق المجتمعي وتراثه الحي وطموحاته المستقبلية .

وفي هذا السياق المجتمعي التائه تتوه قيم العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ، وتصبح الدنيا لمن غلب ، بماله ونفوذه يشتري فرص التعلم لتكون واسطته في توريث مواقعه لأبنائه وأحفاده حتى لو بطرق غير مشروعة،وتنعدم فرص الحراك الاجتماعي والتحول الديمقراطي ليتجمد المجتمع في صورة أوليجاركية تسيطر عليها فئة قليلة من أصحاب المال وقوته ، وتحول دون آمال الجميع في المشاركة في صنع الحياة، حاضراً ومستقبلاً ، وتسود قيم نموذج السوق وإنتاج المواطن السوقي الذي ينشد العمل في مؤسساته العالمية ، أو يغترب فكراً حتى تتاح له الهجرة إلي مواطن الوعد المنشود". ( جريدة الأهالي ـ 6 /7 / 2005 )


8 ـ العدوان علي حق الصحة:
توسع الاستثمار الخاص في القطاع الصحي منذ منتصف السبعينات حتى أصبح لدينا 1.118 مستشفي خاص في مارس 2006 تضم حوالي 28 ألف سرير تمثل حوالي 17% من أسرة المستشفيات في مصر وتتركز 57% منها في ثلاث محافظات هي القاهرة والجيزة والإسكندرية وبما يعكس خلل في التوزيع الجغرافي للاستثمار الصحي الخاص في القطاع الصحي.
يوجد في مصر نظام راسخ للتأمين الصحي الاجتماعي يقدم خدماته من خلال 40 مستشفي وأكثر من 10 الآف سرير تقدم خدمات التأمين لأكثر من 37 مليون نسمة من السكان وبميزانية متواضعة تبلغ 2 مليار جنيه في ظل إنفاق صحي يتجاوز 24 مليار جنيه . وقد أثبتت الدراسات التي أعدها مركز معلومات مجلس الوزراء أن الأسر المصرية تتحمل 60% من تكلفة العلاج في مصر بما يشكل المزيد من الإرهاق لميزانية الأسرة ، ورغم ذلك تسعي الحكومة للتراجع عن نظام التامين الصحي الاجتماعي إلي التأمين الخاص وزيادة الاعتماد علي القطاع الخاص لتقديم الخدمات الصحية.
يرصد د. عبد المنعم عبيد أستاذ التخدير بطب قصر العيني وأحد خبراء الصحة في مصر مجموعة من الحقائق حول الوضع الصحي في مصر أولها العبء المرضى حيث تعانى مصر من وجود الأمراض المتوطنة كالبلهارسيا التي تؤدى إلى الإصابة بالفشل الكلوي الذي تصل تكلفة علاجه إلى 750 ألف جنيه لكل مريض ووفقاً لمتوسط عدد المرضى تصل إلى 75 مليار جنيه خلال 30 سنة، كما أن تكلفة زرع الكبد تصل إلى 200 ألف جنيه للمريض، وتصل تكلفة علاج أمراض الكبد إلى 100 مليار جنيه يتحمل الفقراء منها 20 مليار جنيه سنوياً وهو ما يمثل عبئا على المواطن.
ويرى د. عبيد أن هناك إرهاصات لخصخصة قطاع الصحة بدأت منذ 15 عاماً من خلال ظهور أنظمة العلاج الاقتصادي والفندقي داخل المستشفيات العامة حتى وجد المواطن نفسه يدفع نفقات علاجه تدريجياً، وذلك على الرغم من أنه بدراسة التكلفة اللازمة للرعاية الصحية في مصر توصل الباحثون إلى أنه من الممكن الوصول إلى خدمة صحية متميزة بتكلفة 12 مليار جنيه أي بنحو 180 جنيها لكل مواطن وذلك من خلال نظام تأميني غير هادف للربح يحتوى القطاع الخاص داخله ولا يفرط في أصول التأمين الصحي.

كما يري د. محمد حسن خليل استشاري القلب والخبير بشئون التأمين الصحي إن فصل التمويل عن الخدمة يعنى إعادة رسم دور وزارة الصحة لتتوقف عن تقديم الخدمات العلاجية بالتدريج ليقتصر دورها عند تحديد معايير الجودة، لأن من وجهة نظر وزارة الصحة لا تتحقق الجودة إلا من خلال القطاع الخاص الذي يحقق المنافسة! وتكمن المشكلة في أن هذا الفكر سيقود إلى أن يصبح القطاع الخاص هو المقدم الوحيد للخدمة وبالتالى تتجه الحكومة إلى بيع المؤسسات العلاجية المملوكة للوزارة في حين أن وزارة الصحة تملك 55% من أسرة المستشفيات والتأمين يملك 6% ولا تتجاوز ملكية القطاع الخاص 16% فقط فكيف يقدم كل الخدمات العلاجية.وقال إن التذرع بأن التأمين الصحي الحالي نظام خاسر يجب التخلص منه أمر غير صحيح فالتأمين يحقق فائض مستوى يتراوح بين 100 إلى 200 مليون جنيه خلال السنوات الخمس الأخيرة، كما أنه طبقاً للحالة الاقتصادية للمصريين كيف يشرع قانون يحمل المواطن 1/3 تكلفة العلاج في دولة يقبع ثلاثة أرباع سكانها تحت خط الفقر النسبي والمطلق؟! ( جريدة الأهالي 21 / 2 / 2007 )

تخطط الحكومة لإصدار قانون جديد للقطاع الصحي بدعوى الإصلاح وتنفيذا لتوصيات مؤسسات التمويل ومكاتب الاستشارات الدولية ولكن الهدف هو خصخصة القطاع الصحي والتراجع عن التأمين الصحي الاجتماعي إلي التأمين الهادف للربح من خلال القطاع الخاص.وتسعي الشركات التجارية والدولية للدخول كوسيط في تقديم الخدمة الطبية التأمينية الأساسية،و دخول الشركات التجارية كوسيط في تحصيل الاشتراكات حيث تحصل الاشتراكات حاليا من قبل هيئة التأمينات الاجتماعية ولا يقتضى الأمر إلا الرقابة على التحصيل وليس إدخال جهة تجارية تهدف للحصول على نسبة مما تحصله لأداء وظيفة تتحقق الآن وتنتقص من مقدار الاشتراكات المحصلة لتحقق أرباحها.

نتيجة توسع القطاع الخاص لم يتطور الوضع الصحي للأفضل بل إن الأرقام المعلنة مثل أن مصر أصبحت الدولة الثالثة في العالم من حيث الإصابة بأنفلونزا الطيور ، كما كشف تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للإنماء والتنمية عن إصابة 5 ملايين مصري بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي " سي " وأشار التقرير إلي أن نسبة الإصابة بالعدوى 70 ألف حالة سنويا منها 30 ألف حالة تتحور إلي التهاب كبدي مزمن. وأكد التقرير أن مصر تحتل المرتبة الأولي عالميا في الإصابة بالمرض وتصل النسبة إلي 15% من عدد السكان.( جريدة الوفد 17/2/ 2007 ).كما يوجد 4 مليون مصري مصابين بمرض السكر ( جريدة الوفد 28/3 / 2004 ) كما نشرت جريدة الأهرام أم مرضي الصدر يتكلف علاجهم 8 مليار جنيه ( جريدة الأهرام 30/11 / 2005 ). كما تبلغ نسبة حساسية الصدر لدي المصريين نحو 14 % وفقا لأحدث تقارير الجمعية المصرية للحساسية.بل إنه من الخطورة.. أن نسبة الإصابة بالربو بالرغم من انخفاضها من 32 لكل مائة ألف عام 1997 لنحو 28 فقط لكل مائة ألف عام 2003 إلا أن نسبة الإصابة لدي الأطفال المصريين مازالت مقلقة.. وأن معدل اكتشاف الحالات الإيجابية الجديدة للمرض قد ارتفع العام الماضي ليصل إلي 58% مقابل 37 % فقط عام 2002 ( مجلة آخر ساعة 1/6 / 2005 )

كما حذر تقرير منظمة اليونيسيف من تفشي مرض الأنيميا بين ما يقرب من 15 مليون شاب مصري في السنوات العشر الأخيرة مشيرا إلى أن مخاطر هذا المرض تتمثل في تأثيره الضار جدا على النمو الذهني للمخ ومعاناة المرضى من إرهاق صحي وعصبي شامل.( المصريون 7 / 7 / 2005) ويوجد 100 ألف مريض يصابون بالسرطان سنوياً نتيجة التلوث ( جريدة الأهالي 16/3/ 2005 ) ، يفقد 22 ألف منهم حياتهم بسبب نقص الأدوية ( جريدة العربي 25/4 / 2004 ) ،كما أن 25% من المصريين مصابون بضغط الدم ( جريدة الوفد 3/6 / 2004 ) .

هكذا تتدهور صحة المصريين وتنتشر الأمراض والأوبئة بل أن الكوليرا والملاريا والدرن عادت للانتشار في مصر في ظل توجهات العولمة المتوحشة وفقاً لإحصاءات منظمة الصحة العالمية . كما أن الفساد في القطاع الصحي أمتد ليشمل أكياس الدم وفلاتر الغسيل الكلوي ودعامات شرايين القلب وفق قضايا الفساد التي تعلن عنها الحكومة فهذه بعض من نتائج سياسات الليبرالية المتوحشة والعدوان علي حق الصحة في مصر.

9 العدوان علي حق التنظيم النقابي:
رغم أن حرية التنظيم النقابي حق أصيل ضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلا أن مصر تقيده بقانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 وتعديلاته الذي ألغي الشخصية الاعتبارية لنقابة المصنع والمنشأة وحول العضوية إلي النقابات العامة التي يبلغ عددها 23 نقابة عامة لمختلف المهن والصناعات .
كما أنه رغم وجود 20 مليون يعملون بأجر في مصر لا يتجاوز عدد المقيدين بالتنظيم النقابي الحكومي 4 مليون عامل موزعين علي 1.800 لجنة نقابية و 23 نقابة عامة وفي الدورة النقابية الأخيرة التي تمت انتخاباتها منذ شهور تم شطب أكثر من 35 ألف عامل وحرمانهم من خوض الانتخابات .
لقد قادت منظمات المجتمع المدني معركة كبيرة خلال الانتخابات الأخيرة في عام 2006 واستطاعت انتزاع أحكام قضائية ببطلان انتخابات الاتحاد العام للعمال والنقابات العامة والعديد من النقابات القاعدية ومع ذلك رفضت وزارة القوي العاملة والاتحاد العام للعمال تنفيذ الأحكام القضائية واستمر الاتحاد الباطل ليمثل العمال علي مدي خمس سنوات قادمة.
كما يحرم العمال في المدن الصناعية الجديدة من حق تشكيل النقابات العمالية في ظل قانون ضمانات الاستثمار وسيطرة القطاع الخاص الذي يطيح بأي قيادة عمالية تسعي لتأسيس لجنة نقابية، وتوجد قيود كثيرة علي حرية العمل النقابي تجعل منه فاقد للفاعلية وغير قادر علي الدفاع عن مصالح العمال حيث يخضع بالكامل لسيطرة الحكومة وأجهزتها ويحرم العمال من حق التنظيم النقابي المقر بموجب العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية .

كما يوجد في مصر حوالي 758 جمعية تعاونية تابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي، 4.271 جمعية تعاونية تابعة للائتمان الزراعي، 93 جمعية تابعة للثروة المائية، 605 جمعية تعاونية للاراضى المستصلحة تسيطر الحكومة عليها وتحرم الممثلين الحقيقيين من الوصول إليها.

نفس الوضع ينطبق علي النقابات المهنية التي تم تجميدها منذ صدر القانون رقم 100 حيث تمت مصادرة العمل النقابي في العديد من النقابات المهنية وتجمدت النقابات المهنية باستثناء نقابتي المحامين والصحفيين.

لذلك تناضل الطبقة العاملة المصرية من أجل انتزاع حرية العمل النقابي وتواجه بتعنت وتعسف السلطة ومحاربة كل الداعين لذلك رغبة في سيادة التنظيم الحكومي وسيطرته علي الحركة العمالية .
لقد شهدت مصر 45 إضراب عمالي عام 2004 ارتفعت إلي 53 إضراب في عام 2005 ، وشهدت مصر موجة إضرابية كبيرة منذ ديسمبر 2006 وحتى الآن شملت دخول مصانع كبري للاحتجاج في غزل المحلة وشبين الكوم وكفر الدوار وسائقي السكة الحديد وعمال النقل البري وعمال النقل النهري وتبشر هذه التحركات بالتصاعد خلال السنوات القادمة . كما سقطت نفيسة المراكبي شهيدة وهي تدافع عن الأرض في سراندوا وظل فلاحي عزبة مرشاق في دكرنس معتصمين بالأرض يرفضون إعادتها لأبناء الإقطاعيين بعد أن سددوا كامل ثمنها للإصلاح الزراعي.

يتواصل عدوان الليبرالية المتوحشة علي مختلف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للكادحين في مصر ولكن الحركة الاحتجاجية للفلاحين والعمال تتصدي لهذه الهجمة ولعل موجة الاضرابات العمالية الأخيرة والاحتجاجات الفلاحية لخير دليل علي حيوية الشعب المصري وقدرته علي التصدي لهذه الهجمة والدفاع عن حقوقه الاقتصادية والاجتماعية في مواجهة هجوم الليبرالية المتوحشة ومنظمات العولمة الرأسمالية بالتعاون والتضامن مع كل حركات المقاومة الاجتماعية في العالم من أجل عالم خالي من الحروب والاستغلال والتلوث.

إلهامي الميرغني
25/3/2005

يعيش دستور 23

يعيش دستور 23 .. يسقط الخونة عملاء الاستعمار
عاش كفاح الشعب المصري


مأساتنا.. إن الخونة.. بيموتوا
بدون عقاب ولا قصاص..!!
مأساتنا
إن الخونة بيموتوا.. وخلاص.
بدون مشانق في الساحات..
ولا رصاص!!.
على كل حال..
صدقي مازال!!.
صدقي على قيد الحياة
بيفجر الدم النبيل
ويبطش بالاستقلال
ويمرغ الجباه
تحت الجزم والخيل
ويفتح الكوبري علينا
كل صبح وليل.!!
والإنجليز..
مازالوا بيقهقهوا
ويضربوا.. ويسجنوا الشباب
على كوبري عباس..
أو
في "معرض الكتاب!!".

عبد لرحمن الأبنودي

كنا ونحن أطفال نسمع هذه الشعارات تتردد في المظاهرات التي تمت في الثلاثينات ، ودرسنا بعد ذلك في المدارس أن دستور 1923 كان ثمرة نضال الشعب المصري وانتصاره في ثورة 1919.وبكينا ونحن نري كمال عبد الجواد يموت في فيلم حسن الأمام كما هتفنا مع علي طه وهو يوزع المنشورات في فيلم صلاح أبوسيف.
وعندما بدأت علاقتنا بهموم الوطن عرفنا أن تاريخنا هو سلسلة من الكفاحات والانتصارات والهزائم قرأنا الجبرتي وأبن إياس كما قرأنا الدكتور محمد انيس وعبد الرحمن الرافعي ثم صبحي وحيدة وشهدي عطية وفوزي جرجس وفي المرحلة الحديثة قرأنا للدكتور عاصم الدسوقي والدكتور رؤوف عباس ، كما خرج من جيلنا مؤرخين جدد مثل الدكتور عماد أبو غازي والدكتور قاسم عبده قاسم . وعرفنا أن دستور 23 بكل مميزاته كان مرحلة التف عليها الحاكم الخائن الملك فؤاد وأصدر دستور 1930 ليطيح بالحريات ويضغط علي حكومة الوفد ممثلة الشعب في تلك الفترة ، وعرفنا كيف ناضل عمال عنابر السكة الحديد والترام وفلاحي بهوت من اجل الاستقلال والدستور ، وان تاريخ مصر سلسلة متوالية من الكفاحات والانتصارات والهزائم.

لقد جاء صدقي باشا جلاد الشعب كما يسميه المؤرخين ليطيح بدستور 1923 ويفصل دستور يناسب تطلعات القصر والإنجليز هو دستور 1930 ولكن هجوم صدقي لم يقف عند هذا الحد بل لقد عطل البرلمان وأصدر قانون يلغي الانتخاب المباشر وجعل الانتخاب علي درجتين ، كما أصدر كادر جديد للموظفين خفض فيه رواتب موظفي الحكومة وألغي العلاوة الدورية فتفجرت الإضرابات العمالية التي أمتدت حتى سقط حكم صدقي وقدم استقالته في 21 سبتمبر 1933 . أي أن الطاغية لم يستمر سوي ثلاث سنوات وعاش كفاح الشعب المصري واستمر ، حتى الحكام الفراعنة الذين استمروا عشرات السنوات في الحكم حين تقييم تاريخهم تجده لحظة عابرة في تاريخ مصر الممتد الطويل.

كم من القوانين والتشريعات الاستثنائية صدرت وتم اختراقها بفضل كفاح العمال والفلاحين والطلبة والمثقفين، كم سنة قضتها مصر تحت الأحكام العرفية وكم سنة قضتها بدون أحكام عرفية أو قانون طوارئ ولكن ذلك لم يوقف كفاح المصريين من اجل حريتهم واستقلالهم وكرامتهم.

منذ جاء الرئيس مبارك للحكم وهو يحكم بسلطات استثنائية بحكم قانون الطوارئ الصادر عام 1958 ويحول المدنيين للمحاكم العسكرية ولكن ذلك لم يوقف كفاح الشعب المصري أو يحد من حركته ، ولو نظرنا لدروس الأمس القريب نجد أن القانون 12 لسنة 2003 المعروف بقانون العمل الموحد يمنع الإضراب دون إذن مسبق من النقابات العامة فهل حدث ذلك في أي إضراب منذ 2003 وحتى الآن ؟! لأن العمال انتزعوا مشروعية حق الإضراب المدعوم بالمواثيق الدولية وكفاحهم المستمر ، فما ضاع حق ورائه مطالب .

أسمحوا لي أن أتسأل أين ذهب قانون العيب رقم 2 لسنة 1977 وقانون حماية الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي لسنة 1978 ؟! إن مصر تحكم بقوانين منع التجمهر الموجودة من أيام الاستعمار الإنجليزي والتي تحظر تجمع أكثر من خمس أشخاص في مكان واحد ومن حق السلطات أن تطلق عليهم النار بعد تحذيرهم . هل أوقفت هذه القوانين الحركة الشعبية علي مدي عشرات السنوات من التظاهر والتجمهر؟!!!

أين ذهب إسماعيل صدقي ومحمد محمود ؟ أين ذهب السادات؟ أين ذهب محمد إمام وصلاح نصر وحمزة البسيوني وأين سيذهب مبارك وحبيب العادلي ؟ إنهم جميعاً إلي زوال ولكن مصر ستبقي . إن دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلي قيام الساعة ، وما طار طير وأرتفع إلا كما طار وقع، والأيام دول . هكذا علمتنا تجارب التاريخ.

أجمل ما يميز الشعب المصري هو طريقة تعامله مع الواقع ومنطقه في رد الفعل والحركة ، لقد استخدم الشعب المصري مع التعديلات الدستورية الأخيرة منطق الشباب الكاجول (كبر) و (نفض) أي طنش وفوت وأصبر علي جارك السو يايرحل لتيجي مصيبة تشيله.ولكن أعجبني وسط تغطية الاستفتاء علي تعديلات الدستور واقعتين الأولي ذكرتها جريدة المصري اليوم عن سيدة مسنة حرصت علي التصويت لأنها جاية تنتخب الريس !!! والثانية من مدونة الزميل وائل عباس صورة لافته علقها عضو بمجلس الشعب يدعوا المواطنين للتصويت علي تعديل المادة 34 من الدستور ( بينما المطلوب تعديل 34 مادة وليس مادة واحدة ) ولكن هكذا فهم عضو الحزب الحاكم.

إن التعديلات الدستورية الأخيرة والقوانين التي ستتبعها ستضع المزيد من القيود علي الحريات العامة ولكن كما فعلها المصريين مع إسماعيل صدقي والنقراشي ومحمد محمود سيفعلها مع الآخرين وفي مزبلة التاريخ متسع لهم وسينساهم التاريخ ولكن ستبقي مصر بكفاح عمالها وفلاحيها وطلابها ومثقفيها.

فلتسقط الخيانة
والقيادات الجبانة
ندّاغة الإهانة
كريهة الريحة
كريهة الصوت!!"

ويسقط الخونة عملاء الاستعمار ، وعاش كفاح الشعب المصري

إلهامي الميرغني
26/3/2007
eme55@hotmail.com