egyption1

الاثنين، سبتمبر ٠٤، ٢٠٠٦

" مشروع رؤية عامة للتوجه السياسي لاتحاد اليسار "

تمت علي مدي السنوات الماضية عدة محاولات لتقديم رؤية برنامجية للتغيير اليساري المنشود في مصر ، وسنجد أنها جميعاً تضم نقاط عامة يمكن الاتفاق عليها وبعض التفاصيل التي تمثل نقاط نقاشية بين مختلف المجموعات. وقبل طرح بعض ملامح الرؤية البرنامجية المقترحة أود طرح بعض الملاحظات العامة منها:
1 ـ إننا يمكن أن نكتفي خلال هذه المرحلة بطرح توجهات عامة وليس نقاط تفصيلية تحتاج إلي بحث ونقاش يجب أن يأخذ وقته،فلنعطي وقتاً لإنضاج حوار حول النقاط التفصيلية والخلافية ونكتفي الآن بالتوجهات العامة.
2 ـ إننا لن نقدم رؤية جديدة ولكننا نعيد طرح أفكار سبقنا إليها آخرين من قوي اليسار خاصة خلال الأعوام القليلة الماضية.
3 ـ إن بناء البرنامج قضية كفاحية أكثر منها قضية نظرية ، فلا يصح أن يجلس مجموعة من الحكماء لصياغة برنامج وطرحه علي الناس. إن بناء البرنامج عملية مستمرة تبدأ بأفكار عامة تخرج منها نقاط تفصيلية وقطاعية يتم اختبارها عبر المعارك الجماهيرية وتطويرها وإعادة صياغتها باستمرار حتى يتم استكمال كافة النقاط البرنامجية من خلال تفاعل بين الفكر والممارسة العملية في مختلف المواقع الجماهيرية.

توجد بعض المحددات الهامة التي طرحها القديس الراحل الأستاذ أحمد نبيل الهلالي في وصيته الأخيرة حول " فلنبني معاً .. اتحاد كل قوي اليسار" ونستنبط منها :
ـ لا يوجد بين أطراف اليسار من يملك الادعاء بأنه المالك الوحيد للحقيقة.
ـ إن الحزب ليس كيانا ذا طابع أيديولوجي فهو يقوم على اتفاق سياسي وليس توافق إيديولوجي.
ـ برنامج الحزب بالضرورة برنامج سياسي مرحلي يطرح حلولا واقعية لمشاكل الوطن والجماهير وذلك كبديل لمجمل سياسات النظام.
ـ هذا البرنامج بالضرورة منحاز لمصالح العمال والفلاحين وسائر الكادحين وصغار المنتجين والحرفيين والمثقفين والشرائح المضارة من الفئات الوسطي التي تكتوي بنار سياسات النظام.
وبناء علي ذلك يمكن تلخيص المبادئ العامة للحزب فيما يلي:
أولاً ـ بناء دولة مدنية حديثة تقوم علي مبدأ المواطنة الكاملة وتعتمد علي:
· جمهورية برلمانية تعتمد على الفصل التام بين السلطات.
· لامركزية إدارية تقوم على انتخاب الموظفين في الوظائف العامة .
· رقابة شعبية على أداء مختلف الأجهزة الحكومية.
ثانياً ـ بناء تنمية مستقلة معتمدة علي الذات ودور للدولة في التنمية بما يحقق تحرير الوطن من أغلال التبعية السياسية للإمبريالية والتبعية الاقتصادية للرأسمالية العالمية ومؤسساتها المالية والتجارية الدولية . ويعتمد ذلك علي:
· المشاركة الديمقراطية والتوزيع العادل للثروة والدخل كشرط لنجاح التنمية واطرادها.
· إن استقلالية التنمية لا تعنى الانكفاء على الذات ، ولا القطيعة الكاملة مع العالم الخارجي . بل إن جوهر استقلالية التنمية هو توفير أكبر قدر من حرية الفعل للإرادة الوطنية المستندة إلى تأييد شعبي حقيقي ، في مواجهة عوامل الضغط التي تفرزها آليات الرأسمالية ، وفى مواجهة القيود التي تفرضها المؤسسات الراعية والحارسة للنظام الرأسمالي العالمي .
· عدم مقاطعة التجارة الدولية والاستثمار الأجنبي ، واعتماد مبدأ الانتقائية والتدرج في فتح السوق الوطني بالتوازي مع التقدم في بناء القدرات الإنتاجية وازدياد القدرات التنافسية الوطنية ، مع عدم التحرج من تقييد الواردات غير الضرورية ومن وضع الاشتراطات على المستثمرين الأجانب ، ومع تقديم الدعم المشجع لزيادة التصدير .
· أن النموذج البديل للتنمية الرأسمالية لا يعادى القطاع الخاص ، بل يقر بالحاجة إلى نشاطاته الإنتاجية لتعزيز التنمية . ولكنه يدرك قصور إمكاناته وقدراته،واحتمالات انجذابه للأنشطة الطفيلية وضعفه أمام إغراءات الشركات الدولية.كما أنه يستشعر حاجته إلى قيادة رشيدة تأخذ بيده وتنسق تحركاته.ومن هنا فإلى جانب الحرص على الدور الإنتاجي للقطاع الخاص ، ثمة دور تنموي قوى للدولة وللقطاع العام الإنتاجي.
· أن المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات وفى متابعة تنفيذها ، فضلاً عن المشاركة في ثمار التنمية وحسن توزيع هذه الثمار ، صمام الأمان ضد انحرافات البيروقراطية وضد الفساد الإداري وضد تبديد الموارد وإهدار القدرات الإنتاجية.إن المشاركة الشعبية ضرورية لتسريع عمليات التنمية وتأمين اطرادها.فالتحول الديمقراطي ضروري للتنمية بقدر ما هو ضروري لإقامة حياة سياسية سليمة.
ثالثاً ـ دعم الاستقلال الوطني، مع عدم الانعزال عن العالم، ويعتمد ذلك على أوسع أشكال التضامن الاجتماعي، وبناء الجبهات والأحلاف الإقليمية والعالمية لمواجهة الضغوط الاستعمارية الرامية لاستمرار الهيمنة وفرض تقسيم للعمل يؤبد سيطرتها على مقدرات شعوب العالم وثرواتها لصالح حفنة من الأغنياء أفرادا ودولا. ويقوم بالتالي على مناصرة حق الشعوب في تقرير مصيرها، ودعم كل أشكال المقاومة للسيطرة الاستعمارية، وفي منطقتنا العربية على وجه الخصوص يدعم المقاومة الفلسطينية الباسلة ضد الكيان الصهيوني، القاعدة الاستعمارية الأكثر تقدما ووحشية، والمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي.

هذه بلورة سريعة للرؤية البرنامجية الأساسية في حدود الوقت المتاح وهي رؤية عامة ومبادئ أساسية، أما البرنامج التفصيلي فهو يحتاج منا جميعاً للمزيد من البحث والجهد والتفاعل الجماهيري حتى ينضج بشكل مناسب.
هل يكفي إعلان المبادئ هذا كخطوة على الطريق ننطلق منها؟!

إلهامي الميرغني
1/7/2006