egyption1

الثلاثاء، يونيو ٠٦، ٢٠٠٦

قد يعتبر البعض النظام الامريكي مثالي للعالم الحديث
منقول مقال للكاتب جيه بردافورد حول التامينات الاجتماعية فى الولايات المتحدة
المصري

الأفراد يتعين عليهم الاعتماد على أصولهم الخاصة

بقلم :جيه. برادفورد

الأفراد يتعين عليهم الاعتماد على أصولهم الخاصة لتوفير الضمان المالي:أسطورة »مجتمع الملكية«

ديلونج أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، وكان نائباً لوزير خزانة الولايات المتحدة أثناء إدارة كلينتون

يتعين على أمريكا أن تتعامل مع احتمالات الفساد سواء بصورة غير قانونية كما في تبديد موارد المعاشات التقاعدية على يد قيادات نقابة سائقي الشحن أو بصورة قانونية كما حدث في مساهمة جماعات الضغط بشركات المستحضرات الدوائية بأموالها في الحملات الانتخابية.
أرأيتم كيف كان رد توني سنو الصحافي السابق لدى Fox News، والذي عُـيَّن حديثاً في منصب يجعله شديد القرب من جورج دبليو بوش، ألا وهو سكرتيره الصحافي، حين سئل مؤخراً عن مدخراته التقاعدية؟ لقد كان رده على ذلك السؤال: "كلا، في الواقع كنت غافلاً عن هذا الأمر إلى حد أنني لم أشترك في نظام (K) 140 لذا فلن أتقاضى معاشاً تقاعدياً عن فترة خدمتي في »فوكس«. والمعاش الإعلامي الوحيد الذي أستحقه هو معاش الاتحاد الأمريكي لفناني التلفاز والإذاعة (AFTRA)..
إن نظام (k) 401 عبارة عن حساب مصرفي يتمتع بإعفاءات ضريبية ضخمة، حيث يدخر العاملون المال إلى حين تقاعدهم. وعادة يساهم أصحاب العمل ـ بمن فيهم فوكس نيوز ـ بنفس القدر الذي يساهم به العاملون في نظام (K) 401 وعلى ذلك فإن هذا النظام يعد بمثابة صفقة مالية لا تقاوم، أي أن اتخاذ القرار في هذا الشأن لا يحتاج إلى تفكير عميق. ومع ذلك لم يلتحق توني سنو بهذا النظام. هذا يعني أنه اضطر فقط إلى الالتحاق بنظام المعاش التقاعدي التابع للاتحاد الأمريكي لفناني التلفاز والإذاعة، الذي كان يتولى عنه توفير أية مدخرات رسمية تعينه بعد تقاعده.
إن حالة سنو في رأيي تحمل الكثير من الدروس المهمة، وليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة. إن الأمر على قدر كبير من الأهمية إلى الحد الذي جعل إدارة بوش تتبنى فلسفة راسخة للسياسة الداخلية، ألا وهي فكرة »مجتمع الملكية« ـ الاعتقاد بأن المؤسسات الوسيطة، سواء الحكومات، أو النقابات، أو أقسام التأمين في الشركات، لابد وأن ترفع يدها عن مسألة تقديم فوائد الضمان الاجتماعي. وبدلاً من ذلك، يتعين على الأفراد أن يعتمدوا على أصولهم الخاصة لكي توفر لهم الضمان المالي في حالة التقاعد أو المرض الخطير. ويزعم المدافعون عن مبدأ "مجتمع الملكية" أننا إذا ما وفرنا للناس الحوافز الكافية للتخطيط لمستقبلهم فلابد وأن يفعلوا ذلك.
في المستقبل سوف يضطر سنو إلى الوقوف على المنصة في غرفة التصريحات في البيت الأبيض لكي يدافع عن العناصر المتعددة التي تشتمل عليها مقترحات بوش بشأن مجتمع الملكية. ولسوف يكون لزاماً عليه أن يمتدح حسابات التأمين الصحي ـ وأن يسوق الحجج والبراهين التي تؤكد أن الناس لن يكفوا عن زيارة الأطباء للحصول على الرعاية الوقائية حتى ولو كانت خططهم التأمينية المقيدة بحسابات الادخار الصحي لن تسدد عنهم أي فاتورة. كما سيضطر إلى امتداح خصخصة الضمان الاجتماعي ـ ويؤكد أن الأفراد سوف يتخذون قرارات استثمار متعقلة وحكيمة فيما يتعلق بهذه الحصة المعيارية من مواردهم التقاعدية المحتملة. وسيضطر أيضاً إلى امتداح ذبول وانحطاط النقابات وزوال الفوائد التي تقدمها الشركات ـ ثم يقيم الحجة على أن الأفراد سوف يصبحون قادرين على الاختيار بصورة أفضل من خبراء النقابات أو أقسام التأمين في الشركات.
عند ذلك سوف ينظر إليه المراسلون المجتمعون ويتذكرون أنه حين عُـرِضت عليه صفقة مالية جيدة بكل المقاييس، كان غافلاً" إلى الدرجة التي جعلته لا ينتهز هذه الفرصة. وقد يستنتجون، ولديهم ما يبرر ذلك، إن امتناعه عن تحويل جزء من راتبه في فوكس نيوز إلى حساب الـ (K) 140 يشكل حجة في غاية القوة ضد الكلمات التي يتفوه بها.
لا أريد بهذا أن أقول إن هذه القضايا بسيطة أو إن الأجوبة والحلول اليسيرة متوفرة. فالعديد من الأمريكيين ليس لديهم حسابات (K) 140، وذلك على الرغم من الحوافز الهائلة التي كان من الواجب أن تدفعهم إلى إنشاء مثل هذه الحسابات. وهناك أيضاً العديد من الأمريكيين الذين أنشأوا حسابات (k) 401 ثم أساءوا استثمارها ـ على سبيل المثال، سنجد أن العاملين في شركة إنرون، الذين أفرطوا في استثمار أموال حسابات (k) 401 في أسهم الشركة، لم يخسروا وظائفهم فحسب حين أفلست الشركة، بل لقد خسروا أيضاً أصول معاشاتهم التقاعدية. وهناك أيضاً أمثلة شهيرة لصناديق معاشات التقاعد النقابية التي كانت نهباً للفساد الشديد، مثل ذلك الصندوق الذي ظلت قيادات نقابة سائقي الشاحنات تستغله لمصلحتها لسنوات عديدة.
وأخيراً، هناك أمثلة لساسة مثل جورج دبليو بوش، الذي استحدث برامج حكومية وعدت بتقديم إعانات دوائية شاملة لكبار السن، وتوفير أرباح هائلة لشركات صناعة المستحضرات العلاجية. قد تلقي إدارة بوش العظات بشأن الفضائل المرتبطة بالمسئولية الفردية، لكن برامجه لم تتطرق إلى الكيفية أو الحيثية التي ستتمكن بها حكومته من تأمين الموارد اللازمة لتمويل هذه الوعود.
باختصار، هناك أسباب قصور نفسية وأخلاقية على كافة المستويات ـ الأفراد، والشركات، والنقابات، وشركات التأمين، والحكومات. والحقيقة أن المشاكل العويصة المرتبطة بالتصميم المؤسسي للنظام تشتمل على صعوبة إصلاح برامج الضمان الاجتماعي. يتعين على أمريكا أيضاً أن تتعامل مع احتمالات الفساد، سواء بصورة غير قانونية كما رأينا في حالة تبديد موارد المعاشات التقاعدية على يد قيادات نقابة سائقي الشاحنات، أو بصورة قانونية كما حدث حين ساهمت جماعات الضغط التابعة لشركات المستحضرات الدوائية بأموالها في الحملات الانتخابية بهدف تليين عريكة أعضاء الكونجرس.
هذا النوع من المشاكل ليس قاصراً على أمريكا وحدها، فهي مشاكل ملازمة لكافة الجهود الرامية إلى خصخصة نظم الضمان الاجتماعي. وبينما ينظر الأمريكيون وغيرهم إلى هذه المعضلة المعقدة المؤلفة من المشاكل الخاصة بالسياسة العامة، فلابد وأن نتعلم درساً واحداً من مثال توني سنو: ألا وهو أن رؤية »مجتمع الملكية« التي اعتنقها بوش هي ببساطة رؤية غير قابلة للتطبيق. ولو كانت قابلة للتطبيق، لما كان سكرتيره الصحافي الجديد قد وصف نفسه بـِ »الغافل«.